وَلَسْتُ أَرَى مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا الظُّلْمَةَ. قَالَ : ثُمَّ جَالَتِ الرِّيَاحُ الْقَائِمَةُ فِي الْهَوَاءِ بَيْنَهُمَا ، فَأَقْبَلَتِ التَّابُوتُ بِهِمَا فَلَمْ يَزَلْ يَهْوِي بِهِمَا حَتَّى وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ ، فَكَانَ فِرْعَوْنُ أَشَدَّ مَا كَانَ عُتُوّاً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ».
و « الصَّرَحُ » بالتحريك : الخالص من كل شيء ، وكل خالص صَرِيحٌ. وقد صَرُحَ الشيء ـ بالضم صَرَاحَةً وصُرُوحَةً : خلص من تعلقات غيره. وعربي صَرِيحٌ : أي خالص النسب.
وَفِي حَدِيثِ الْوَسْوَسَةِ « ذَلِكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ ».
أي صَرِيحُهُ الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في قلوبكم ، وقيل إن الوسوسة علامة محض الإيمان ، فإن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه وحاصله أن صَرِيحَ الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم حتى تصير وسوسة لا يتمكن في قلوبكم ولا تطمئن إليه نفوسكم ، وليس معناه أن الوسوسة نفسها صَرِيحُ الإيمان ، لأنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله فكيف يكون إيمانا صَرِيحاً. والصَّرِيحُ : ضد الكناية ، وهو خلاف التعريض. وفلان صَرَّحَ بما في نفسه : أي أظهره.
(صفح)
قوله تعالى : ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ ) [ ٤٣ / ٨٩ ] أي أعرض عنهم. والصَّفْحُ : أن تنحرف عن الشيء فتوليه صَفْحَةَ وجهك ، أي ناحية وجهك ، وكذلك الإعراض هو أن تولي الشيء عرضك ، أي ناحيتك وجانبك. قوله : ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) [ ١٥ / ٨٥ ] أي أعرض عنهم واحتمل ما يلقى منهم إعراضا جميلا بحلم وإغضاء قوله : ( أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً ) [ ٤٣ / ٥ ] أي أفنضرب تذكيرنا إياكم صَافِحِينَ ، أي معرضين.
وَفِي حَدِيثِ مَلَكِ الْمَوْتِ مَعَ بَنِي آدَمَ « وَأَنَا أَتَصَفَّحُهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ ».
أي أنظر إليهم وأتأملهم. قال بعض شراح الحديث : لعل المراد بِتَصَفُّحِ ملك الموت أنه ينظر إلى صَفَحَاتِ وجوههم نظر الترقب