المحمود ولذلك لم يذكر بعده نعمته بل ذكر صفاته الدالّة على كامليّة ذاته :
الاولى : أنّه لم يتّخذ ولدا لنفسه لأنّه لو كان له ولد لكان بقاء نوعه بتعاقب أولاده كحال الحيوانات لكنّه ليس كذلك لأنّ بقاء نوعه ليس إلّا ببقاء شخصه لكونه واجب الوجود وأيضا لو كان له ولد لكان له صاحبة ولو كان له صاحبة لكان له شهوة الوقاع ولو كانت لكانت محتاجا إليها لكنّه غنيّ بالإطلاق.
الثانية : أنّه ليس له شريك في ملكه إذ لو كان لكان إمّا مخلوقا له فلم يكن حينئذ شريكا بل عبدا أو ليس مخلوقا له فيكون شريكا له في ذاته وهو محال لما ثبت من دلائل التوحيد.
الثالثة : ليس له وليّ من الذّلّ والوليّ هو الّذي يقوم مقامه في أمور تختصّ به لعجزه كوليّ الطفل والمجنون فيلزم أن يكون محتاجا إلى الوليّ وهو محال لكونه غنيّا مطلقا. وأيضا إن كان الوليّ محتاجا إليه تعالى لزم الدور المحال وإلّا لكان مشاركا له. وإنّما قيّده بكونه من الذلّ لأنّه لو لم يكن وليّا من الذلّ لم يكن وليّا في الحقيقة بل من الأسباب وهو تعالى مسبّب الأسباب.
إذا تقرّر هذا فنقول : دلّت الآيتان على وجوب شيء من التكبير ولا خلاف في عدم الوجوب في غير الصلاة فيكون الوجوب في الصلاة وهو المطلوب فهنا مسائل :
١ ـ يجب صيغة « الله أكبر » لأنّه المتبادر إلى الفهم من إطلاق لفظ التكبير.
٢ ـ تجب مراعاة اللّفظ المذكور من غير تغيير لترتيبه ولا يجوز الإتيان بمرادفه ولا تعريف المنكّر ولا المدّ المخرج عن المعنى إلى الاستفهام كمدّ لفظ الجلالة أو إلى الجمع كما في لفظ أكبر إذ تصير جمع كبر وهو الطبل.
٣ ـ لا يجوز الترجمة بغير العربيّة لأنّه ليس بكلام الله ولا رسوله وقول أبي حنيفة بجوازها محتجّا بقوله ( وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى ) (١) علّق الصلاة على ذكر اسمه الّذي هو أعمّ من كونه عربيّا أو غيره باطل إذ المراد بالاسم الأذان خصوصا
__________________
(١) الأعلى : ١٥.