في الندب إن عنى بصيغة الأمر هنا لفظة « قُومُوا » فتلك للوجوب كما استدلّ هو وغيره بها على وجوب القيام في الصلاة وإذا كانت للوجوب لا تدلّ على الندب إذ لا يجوز استعمال المشترك في كلا معنييه كما تقرّر في الأصول وإن عنى لفظ « قانِتِينَ » فليس بأمر وهو ظاهر الرابع أنّ تمثيله للندب بقوله « وَأَشْهِدُوا » سهو فإنّ الأمر فيها للإرشاد إلى مصلحة دنيويّة لا أخرويّة بخلاف الندب فإنّه إشارة إلى مصلحة راجحة أخرويّة هي نيل الثواب.
إذا تقرّر هذا فاعلم أنّه قد تقدّم الكلام في هذه الآية بما فيه كفاية فلا وجه لإعادته لكن نقول أكثر أصحابنا قالوا باستحباب القنوت وقال بعضهم بوجوبه كما تقدّم ومحلّه في جميع الصلوات الواجبة والمندوبة بعد قراءة السورة في الثانية وقبل ركوعها وفي الجمعة قنوتان في الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعده وقال الشافعيّ باستحبابه في الصبح خاصّة بعد ركوع ثانيتها وما عداها يستحبّ إن نزلت نازلة [ من الخوف ] وإلّا فقولان وقال مالك باستحبابه في الوتر في النصف الأخير من رمضان لا غير وقال أبو حنيفة هو مكروه إلّا في الوتر خاصّة فإنّه مسنونقال أحمد إن فيفلاو قال يقنتالجيوش ويحتجّ على المانع بأنه دعاء فيكون مأمورا به ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ ) (١) وبما رواه براء بن عازب قال « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يصلّي صلاة مكتوبة إلّا قنت فيها » (٢) وروي أيضا أنّ عليا عليهالسلام قنت في المغرب ودعا على أناس وأشياعهم (٣) وقنت النبيّ عليهالسلام في الصبح ودعا على جماعة وسمّاهم (٤) ومن طرق الأصحاب روايات كثيرة (٥).
__________________
(١) المؤمن : ٦٠.
(٢) رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون على ما في مجمع الزوائد ج ٢ ص ١٣٨ وأخرجه السيوطي في الدر المنثور ج ١ ص ٣٠٧.
(٣) راجع المستدرك ج ١ ص ٣٢٠.
(٤) رواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس ورجاله ثقات وروى احمد والبزار نحو ذلك ورجاله موثقون راجع مجمع الزوائد ج ٢ ص ١٣٧ و ١٣٩.
(٥) راجع الوسائل أبواب القنوت.