واعلم أنّه لم يرد بحيّيتم سلام عليكم بل كلّ تحيّة وبرّ وإحسان ويؤيّده ما ذكره عليّ بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقين عليهماالسلام « أنّ المراد بالتحيّة في الآية السلام وغيره من البرّ (١) ».
والحسيب إمّا بمعنى الحفيظ لكلّ شيء أو بمعنى المحاسب أي يحاسبكم على التحيّة وغيرها إذا تقرّر هذا فهنا مسائل :
١ ـ السلام من السنن المؤكّدة والردّ فرض لصيغة الأمر الدالّة على الوجوب لكن على الكفاية لأصالة البراءة ولأنّ المقصود حصول المكافاة على التحيّة وقد حصل وللحديث (٢) هذا إذا كان السلام على جماعة أمّا إذا سلّم على واحد فهو فرض عين عليه.
٢ ـ اتّفق الجمهور من الفقهاء والمفسّرين على أنّه إذا قال المسلّم سلام عليكم فأجيب بقوله سلام عليكم ورحمة الله فهو أحسن منها ولو لم يقل ورحمة الله فهو ردّ لها بمثلها وإذا قال سلام عليكم ورحمة الله فأجيب بقوله سلام عليكم ورحمة الله فهو ردّ بالمثل ولو زيد وبركاته فهو أحسن وإذا قال سلام عليكم ورحمة الله وبركاته فليس فوقها ما يزيد عليها.
٣ ـ قال ابن عبّاس إنّ المراد بقوله « بِأَحْسَنَ مِنْها » أي للمسلمين وبقوله « أَوْ رُدُّوها » أي لأهل الكتاب لا يزاد على قوله وقال غيره « أَوْ رُدُّوها » للمسلمين أيضا وأمّا الكتابيّ فيقال عليكم أو وعليكم لأنّهم ربّما قالوا السام عليكم أي الموت.
٤ ـ إذا سلّم أحد على المصلّي وجب عليه الردّ لإطلاق الأمر بالردّ المتناول لحال الصلاة وغيرها وليس هو من كلام الآدميّين فيدخل تحت النهي لأنّ هذه الصيغة وردت في القرآن إن قلت إذا قصد الردّ خرج عن كونه قرآنا قلت ذلك ممنوع لأنّه قرآن باعتبار لفظه ونظمه وقصد الردّ لا يخرجه كما لا يخرج بقصد
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٨٥.
(٢) أصول الكافي ج ٢ ص ٦٤٧.