لا المطوف بهم (١) فيكون جرّه على مجاورة لحم طير ، ولأنّ القول بالغسل قول أكثر الأمّة.
والجواب عن الأوّل : بأنّ العطف على وجوهكم حينئذ مستهجن إذ لا يقال : ضربت زيدا وعمروا وأكرمت خالدا وبكرا ويجعل بكرا عطفا على زيدا وعمرا المضروبين هذا ، مع أنّ الكلام إذا وجد فيه عاملان عطف على الأقرب منهما كما هو مذهب البصريّين ، وشواهده مشهورة خصوصا مع عدم المانع كما في المسئلة ، فانّ العطف على الرّؤس لا مانع منه لغة ولا شرعا. وأمّا النّصب بفعل مقدّر فإنّه إنّما يجوز ويضطرّ إلى التّقدير إذا لم يمكن حمله على اللّفظ المذكور كما مثّلتم. وأمّا هيهنا فلا ، لما قلنا من العطف على المحلّ. وأمّا قراءة الرفع فيحتمل أيضا مذهبنا : أي وأرجلكم ممسوحة ، بل هو أولى لقرب القرينة. وعن الثّاني : بأنّ إعراب المجاورة ضعيف جدّا لا يليق بكتاب الله خصوصا وقد أنكره أكثر أهل العربيّة هذا ، مع أنّه إنّما يجوّز بشرطين (٢) :
__________________
(١) وقيل : العطف على جنات وكأنه قيل : المقربون في جنات وفاكهة ولحم طير وحور ، وقيل : على اكواب باعتبار المعنى وقيل بالجر عطفا على اكواب باعتبار اللفظ دون المعنى لان الحور لا يطاف بهن. وقيل : هو معطوف على جنات ولم ينكر الجر بالجوار قاله أبو البقاء العكبري.
(٢) قال أبو البقاء الحنفي في كتاب الكليات : كل موضوع حمل فيه على الجوار فهو خلاف الأصل إجماعا للحاجة ، والذي عليه المحققون ان خفض الجوار يكون في النعت قليلا وفي التأكيد نادرا ولا يكون في النسق ـ أي في العطف بالواو ـ لان العاطف يمنع التجاور ، ومن شرط الخفض على الجوار أن لا يقع في محل الاشتباه. قال ابن هشام في مغني اللبيب في الفائدة الثانية من الباب الثامن : وأنكر السيرافي وابن جنى الخفض على الجوار وتأولا قولهم « خرب » في « جحر ضب خرب » بالجر على انه صفة لضب ، ثم قال السيرافي الأصل خرب الجحر منه بالتنوين ورفع الجحر ثم حذف الضمير للعلم به ، وحول الإسناد إلى ضمير ضب وخفض الجحر كما تقول : مررت برجل حسن الوجه والأصل حسن الوجه منه ، ثم اتى بضمير الجحر مكانه لتقدم ذكره فاستتر. وقال ابن جنى : الأصل خرب جحرة ثم أنيب المضاف اليه عن المضاف فارتفع واستتر.