وبالعترة من الزّيغ والطّغيان ، ووعد على التمسّك بهما الفوز برضاه والخلود في الجنان.
والصّلوة على المكنّي عنه بالعبوديّة والنبوّة والإرسال ، المنعوت بالرّأفة الموصوف بالرّحمة المؤيّد بالعصمة في الأقوال والأفعال ، محمّد البشير النّذير ، والدّاعي إلى الحقّ والسّراج المنير ، وعلى آله المعصومين وعترته الأطهرين ، كنوز العلم ورعاته ودعاة الحقّ وولاته ما استدارت الخضراء على الغبراء ، واستنارت الغبراء من الخضراء.
أمّا بعد : فانّ القرآن بحر لا يفنى عجائبه ، ولجّ لا ينقضي غرائبه ، من طلب الهدى وجده في ظواهره وخوافيه ، ومن رام العصمة من العمى وجدها في منشورة ومطاويه ، علومه لا تعدّ ولا تحصى ، وفنونه لا تحصر ولا تستقصى ، وكان علم الأحكام الشرعيّة والمسائل الفقهيّة الّذي هو فنّ من فنونه وقطف (١) من غصونه أعمّ نفعا للعوامّ والخواصّ ، وأجدى عائدة وأولى بالاختصاص ، إذ به ينتظم قواعد المعاش في العاجلة ، ويتمّ سعادة المعاد في الآجلة ، وكانت الآيات الكريمة الّتي هي مرجع جملة من مسائله أجلّ حجج فتواه وأكبر دلائله ، قد اعتنى العلماء بالبحث عنها واستخراج السرّ الدّفين منها ، لكني لم أظفر بكتاب في تنقيح تلك الآيات بما يبرد الغليل ويشفي العليل ، ويحتوي على جملة ما يبغيه الراغب ، ويستطرفه الطّالب بل إمّا مسهب (٢) بذكر الأقاويل والأخبار ، أو مقصّر قد ملّل بالايجاز والاختصار فحداني ذلك على وضع كتاب يشتمل على فوائد قد خلا عنها أكثر التّفاسير وفرائد لم يعثر عليها إلّا كلّ نحرير ، وضممت إلى ذلك فروعا فقهيّة تقتضيها نصوص تلك الآيات أو ظواهرها ، ونكات معان وعجيب غرائب يلمع لدى الفضلاء زواهرها ، يظهر بذلك من الآيات سرّها المكنون وجوهرها الثمين المصون بحيث يعجب بذلك النّاظرون وما يعقلها إلّا العالمون. وسمّيته : كنز العرفان في فقه القرآن والمسؤول
__________________
(١) القطف العنقود ويقال له بالفارسية خوشه واسم للثمار المقطوفة.
(٢) مسهب اى مكثر في الكلام.