قبيح عقلا وشرعا. إن قلت : عندكم أنّ الحلال المختلط بالحرام ولا يتميّز مالكه ولا قدره يخرج منه الخمس وذلك من المجتمع من المالين فيكون إنفاقا وتصرّفا من الحرام وفيه وهو مناف لمنطوق الآية. قلت : نمنع أنّ ذلك تصرّف في الحرام لأنّا إنّما حكمنا بإخراج الخمس لمكان الضرورة الماسّة إلى التصرّف في الحلال لقوله صلىاللهعليهوآله « الناس مسلّطون على أموالهم » (١) ولمّا جهل المالك وتعذّر رضاه أذن الشارع لا مطلقا بل بإخراج ما يمكن أن يكون عوضا للمالك يوم القيامة كما يأذن الحاكم في المعاوضة على مال الغائب والمحجور عليه وذلك لا يكون إنفاقا وتصرّفا من الحرام ولا فيه هذا ويحتمل أن يراد بالطيّب الجيّد من المال والمستحسن منه ولذلك قيل إنّها نزلت في قوم كانوا يأتون بالحشف ويدخلونه في تمر الصدقة (٢) روي ذلك عن علي عليهالسلام (٣) ويؤيّد ذلك قوله تعالى ( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ ) (٤) فعلى هذا قيل إنّ المراد الصدقة الواجبة وهي الزكاة وقيل المندوبة والأصحّ العموم للقسمين بل سائر الإنفاق في سبيل الخير وأعمال البرّ.
إن قلت : لو كان النصاب النعمي كلّه مراضا لم يكلّف شراء صحيحه وكذا لو كان تمره محشفا لم يكلّف شراء غيره بل يخرج منهما فيكون إنفاقا من الرديّ وهو خلاف المأمور به. قلت : إن حمل الأمر على المندوب فذلك على الأفضل فخلافه غير ممنوع وإن حمل على الواجب فإنّما لم يكلّف شراء الصحيح والجيّد لئلّا يلزم الظلم في حقّ المالك لأنّ الزكاة تعلّقت بعين المال فلا تتناول غيره هذا ، مع أنّ الأفضل له إخراج الجيّد وفي الآية دلالة على أنّ إخراج الصدقة من كسب الإنسان أفضل من
__________________
(١) أخرجه في البحار ج ٢ ص ٢٧٢ من طبعة دار الكتب عن غوالي اللئالي.
(٢) عن عوف بن مالك قال : دخل علينا رسول الله صلىاللهعليهوآله المسجد وبيده عصا وقد علق رجلا قنا حشفا فطعن بالعصا في ذلك القنو وقال : لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب منها وقال ان رب هذه الصدقة يأكل الحشف يوم القيامة. راجع سنن ابى داود ج ١ ص ٣٧٢.
(٣) مجمع البيان ج ٢ ص ٣٨٠.
(٤) آل عمران : ١٩٢.