المعروف والمغفرة ما هو أعمّ [ من ذلك ] كسائر الأخلاق الحسنة فيدخل حسن الردّ وغيره.
ثمّ إنّه تعالى جعل المانّ بصدقته والمؤذي لمن يتصدّق عليه كالمرائي بنفقته وكالمنفق الّذي لا يؤمن بالله و [ لا ] باليوم الآخر فانّ قوله « كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ » صفة لمصدر محذوف أي إبطالا كابطال الّذي ينفق ماله فانّ كلّ واحد من الرياء والكفر سبب تامّ لعدم فائدة الإنفاق وفي الحقيقة يندرج المان والمؤذي والمرائي في عدم الايمان بالله إذ لو كان مؤمنا به ومصدّقا بصفاته الكماليّة لما أشرك معه غيره فيما غايته الإخلاص له وطلب مرصاته ، هذا وإنّه تعالى جعل مثل الّذي ينفق ماله رئاء أو ينفقه ولا يؤمن بالله واليوم الآخر « كَمَثَلِ صَفْوانٍ » أي حجر أملس « عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ » أي مطر عظيم القطر « فَتَرَكَهُ صَلْداً » أي أجرد نقيّا بلا تراب فالصفوان مثل للنفس والتراب مثل للإنفاق والوابل مثل للرياء والكفر وزوال التراب عنه مثل لزوال فائدة الإنفاق وقوله « لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمّا كَسَبُوا » أي لا يجدون يوم القيامة شيئا من ثواب ما كسبوا « وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ » أي لا يلطف لهم لطفا يجبرهم على فعل الطاعة لمنافاة ذلك الحكمة.
وفي وضع الكافرين موضع المرائين تشديد عظيم لحال الرياء وأنّه والشرك في واد واحد ولذلك قال صلىاللهعليهوآله « الشرك في أمّتي أخفى من [ دبيب ] النملة السوداء في اللّيلة الظلماء [ على الصخرة الصمّاء ] (١) » وقال صلىاللهعليهوآله « إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قيل وما الشرك الأصغر قال الرياء » (٢).
__________________
الأخلاق كما في المستدرك ج ٢ ص ٨٣ ولفظه : يا ايها الناس انى اعلم انكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن بالطلاقة وحسن الخلق. ورواه في مشكوة الأنوار كما في المستدرك أيضا ولفظه : يا بنى عبد المطلب انكم لن تسعوا الناس بأموالكم فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر.
(١) السراج المنير ج ٢ ص ٣٧٤ و ٣٧٥. بألفاظ مختلفة.
(٢) الدر المنثور ج ٤ ص ٢٥٦. عن احمد والبيهقي.