البحث الرابع
[ الثالثة ] (١) « ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ » قال الشافعيّ « ذلك » إشارة إلى الهدي أو الصيام والحقّ خلافه بل هو إشارة إلى التمتّع فانّ اللام في « ذلك » للبعيد وذكر التمتّع أبعد من الهدي وأيضا فإنّه أجمع فائدة من قوله.
ثمّ اختلف في « حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ » فقال الشافعيّ من كان دون مسافة القصر وقال أبو حنيفة هم أهل الميقات فما دونه ولأصحابنا قولان أحدهما من كان على اثني عشر ميلا فما دون ولم نظفر له بدليل وثانيهما ثمانية وأربعون ميلا وهو الحقّ لما رواه زرارة عن الباقر عليهالسلام « قال قلت له [ ما معنى ] قول الله تعالى ( ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) قال يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة كلّ من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ذات عرق وعسفان وكلّما يدور حول مكّة فهو ممّن دخل في هذه الآية وكلّ من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة » (٢).
إذا عرفت هذا فعندنا أنّ التمتّع فرض عين لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام لا يجوز له الحجّ في فرض الإسلام بغيره اللهمّ إلّا لضرورة تحوجه إلى العدول كضيق الوقت أو الحيض للمرأة وأمثاله وكذا عندنا أنّ القران والإفراد قرض عين لمن هو حاضر المسجد [ الحرام ] وليس له العدول إلى التمتّع إلّا لضرورة ومع العدول يجب الدّم خلافا للشافعيّ فإنّه لم يوجبه بناء على ما قاله من عود الضمير في ذلك إلى الهدي وقد عرفت ضعفه.
واتّفق الفقهاء الأربعة على أنّه ليس في الثلاثة فرض عين ثمّ اختلفوا في أيّها أفضل فقال مالك وأحمد : التمتّع أفضل وهو أحد قولي الشافعيّ وفي قوله الآخر
__________________
(١) في بعض النسخ المخطوطة « الثالثة » وفي بعضها « الفائدة الثالثة » والأنسب ما في المطبوعة « البحث الرابع ».
(٢) أخرجه في الوسائل عن التهذيب ب ٦ من أبواب أقسام الحج ح ٣ ومثله في تفسير العياشي ج ١ ص ٩٣.