لكنّ اليوم الثاني عشر له حكمان أحدهما أنّه لا يجوز النفر فيه إلّا بعد الزوال والثاني أنّه متى غربت الشمس وهو بمنى تحتّم عليه المبيت بها اللّيلة الثالثة لأنّ التعجيل محلّه النهار فإذا مضى ولم يتعجّل فلو تعجّل في اللّيلة الثالثة لزم كون تعجيله ليس في اليومين فيكون آثما وهو المطلوب.
٤ ـ أنّ ذلك التخيير ليس مطلقا بالنسبة إلى كلّ حاجّ بل هو لمن اتّقى واختلف فيه على قولين قيل : معناه اتّقى الصيد والنساء في إحرامه وقيل اتّقى سائر المحرّمات في الإحرام والأوّل هو المرويّ (١) والفتوى عليه.
٥ ـ أنّ غير المتّقي يتحتّم عليه الكون في اللّيالي الثلاث ويكون نفره يوم الثالث عشر ولا يجوز قبله.
٦ ـ أنّ من بات اللّيلة الثالث عشر لا ينفر حتّى تطلع الشمس ويرمي الجمار وكذا في النفر الأوّل لا ينفر إلّا بعد رمي الجمار ووقته بعد طلوع الشمس أيضا وبه قال الشافعيّ وقال أبو حنيفة ينفر قبل طلوع الفجر قيل : كان في الجاهليّة منهم من تأثّم بالتعجيل ومنهم من تأثّم بالتأخير فجاء القرآن برفع الإثم عنهما معا.
فائدة : قيل في قوله تعالى ( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ) هي أعمال الحجّ من الموقفين والطواف (٢) والسعي وغيرها « فَأَتَمَّهُنَّ » أي وفى بإيقاعها وقيل هي التكاليف العقليّة والشرعيّة وقيل هي السنن العشرة وقد تقدّم في باب الطهارة ذكر أحكامها (٣).
__________________
(١) تفسير العياشي ج ١ ص ١٠٠ تحت الرّقم ٢٨٦ من حديث حماد ولقد روى ما يدل على القول الثاني ص ٩٩ تحت الرقم ٢٨٠ فراجع.
(٢) الوقوفين خ ، الطوافين خ.
(٣) قد مر في ص ٥٥.