كقولهم لابن وتأمر أي ذو لبن وذو تمر « وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ » دعاء لهم بالرفاهية وطيب العيش لأنّه أسكنهم بواد غير ذي زرع قوله « مَنْ آمَنَ » بدل من « أهله » بدل البعض من الكلّ وفيه تصريح بأنّه خصّ دعاءه بالمؤمنين فقال الله سبحانه في جوابه ( وَمَنْ كَفَرَ [ فَأُمَتِّعُهُ ] ) » أي وأرزق من كفر أيضا على وجه الاستدراج لأنّي خلقتهم والتزمت برزقهم فيكون « مَنْ كَفَرَ » في موضع النصب ويجوز أن يكون « من » للشرط ولذلك دخل الفاء على خبره وعلى الأوّل الفاء للاستيناف قوله « ثُمَّ أَضْطَرُّهُ » إنّما أتى بكلمة التراخي إشعارا بأنّ زمان تمتيعه ليس قليلا لا تقوم فيه الحجّة بل هو طويل والاضطرار يقع بعد مهلة وقال « أَضْطَرُّهُ » لأنّه تعالى إذا علم عدم انتفاعهم بالآيات ودلائل العقل والألطاف والزواجر تركهم في يد الطبيعة حتّى تجرّهم إلى أسفل سافلين ولا ريب أنّ الشيء يجب وجوده عند سببه التامّ وهو معنى الاضطرار والسبب هو دواعي الطبيعة وعدم مواقع الألطاف الإلهيّة.
إذا تقرّر هذا فنقول هنا فوائد :
١ ـ قيل المراد بالأمن هنا هو أنّه لا يصاد صيده ولا يقطع شجره ولا يختلا خلاه وإلى هذا أشار الصادق عليهالسلام « من دخل الحرم مستجيرا به فهو آمن من سخط الله ومن دخله من الوحش والطير كان آمنا من أن يهاج أو يوذى حتّى يخرج من الحرم » (١) وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم الفتح « إنّ الله حرّم مكّة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى أن تقوم الساعة لم تحلّ لأحد قبلي ولا تحلّ لأحد بعدي ولم تحلّ لي إلّا ساعة من النهار » (٢) وقيل : المراد الأمن من الجدب والقحط لأنّه أسكنهم بواد غير ذي زرع.
٢ ـ في الآية دلالة على جواز سؤال الله تعالى الرزق وتوسعته بل سؤال الرفاهية في المعيشة وحسن الحال وطيب المآكل لقوله « مِنَ الثَّمَراتِ » إذ لو كان المراد القوت
__________________
(١) الكافي ج ٤ ص ٢٢٦ الرقم ١.
(٢) صحيح البخاري ج ١ ص ٣١٥. وروى من طرقنا في الكافي ج ٤ ص ٢٢٥ ٣.