جمعها فإنّ كلّ ساف قاعدة بالإضافة إلى ما فوقه وبناء بالإضافة إلى ما تحته ومعنى يرفع أي يثبت ويبني فإنّ كلّ ساف إذا فرغ منه يتّصف بالثبوت ورفع البناء أمر لازم لثبوته فأطلق اللازم وأراد ملزومه وهو أفصح من قولنا يبني على القواعد ولم يقل قواعد البيت لأنّ البيان بعد الإبهام أفصح من البيان ابتداء لأنّ الإبهام يوجب ألما والبيان يوجب لذّة واللذّة بعد الألم أقوى « وإسماعيل » مرفوع بالابتداء وخبره محذوف تقديره وإسماعيل يناوله والواو للحال وحذف الخبر للعلم به فانّ بناء البيت يحتاج إلى من يناول ما يبنى به « ربّنا » أي قائلين ربّنا وكذلك قرأ عبد الله ابن مسعود (١) « إنّك أنت السميع » أي لدعائنا « العليم » بضمائرنا ونيّاتنا.
وهنا فوائد :
١ ـ قال مجاهد إنّ أوّل من بناه إبراهيم عليهالسلام ولذلك قال الحسن إنّ أوّل من حجّ البيت إبراهيم والقولان ضعيفان والحقّ أنّ البيت كان قبل إبراهيم عليهالسلام فقد روي « أنّ الله أنزله ياقوتة من يواقيت الجنّة له بابان [ من زمرّد ] شرقا وغربا وقال الله لآدم عليهالسلام قد أهبطت لك ما يطاف به كما يطاف حول عرشي فتوجّه آدم عليهالسلام من الهند يمشي إلى مكّة فتلقّته الملائكة فقالوا برّ حجّك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام » وقيل حجّ آدم عليهالسلام أربعين حجّة على رجليه من الهند وفي رواياتنا عن الباقر عليهالسلام « أتى آدم هذا البيت ألف أتية على قدميه منها سبعمائة حجّة وثلاثمائة عمرة وكان يأتيه من ناحية الشام وكان يحجّ على ثور » (٢).
٢ ـ لمّا كان الطوفان رفع البيت إلى السماء الرابعة وهو البيت المعمور ثمّ أمر الله إبراهيم عليهالسلام فبناه وعرّفه جبرئيل مكانه وقيل بعث الله سبحانه سحابة أظلّته ونودي أن ابن على ظلّها لا تزد ولا تنقص وروي أنّه بناه من خمسة أجبل طور سينا وطور زيتا ولبنان والجوديّ وأسّه من حراء ثمّ جاءه جبرئيل عليهالسلام بالحجر الأسود من السماء وقيل تمخّض أبو قبيس فانشقّ عنه وكان مخبّئا فيه أيّام الطوفان
__________________
(١) فإنه قرأ : « ويقولان ربنا » الآية.
(٢) الوسائل ب ٤٥ من أبواب وجوب الحج ح ١٨ و ٣٤.