وثلاثة معه فالتقوا بهم أوّل يوم من رجب وهم يظنّونه من جمادى الآخرة فقتلوا [ عمرو بن ] عبد الله واستأسروا اثنين من أصحابه واستاقوا العير فقالت قريش قد استحلّ محمّد الشهر الحرام شهرا يأمن فيه الخائف فردّ رسول الله صلىاللهعليهوآله العير والأسارى وكتب قريش إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله يسألونه عن القتال في الشهر الحرام تشنيعا وتبكيتا (١).
وقيل : السائل المسلمون وأهل السريّة تألّما ممّا وقع منهم وقالوا لا نبرح حتّى تنزل توبتنا وعن ابن عبّاس لمّا نزلت أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله الغنيمة وأخرج خمسها وهو أوّل خمس وغنيمة في الإسلام وقسم الباقي بعد الخمس في السريّة (٢) وفيه دلالة على إخراج الخمس من أصل الغنيمة ونقل الطبرسيّ أنّه صلىاللهعليهوآله عقل ابن الحضرميّ أي أدّى ديته وفي الآية أحكام :
١ ـ تحريم القتال في الشهر الحرام لقوله تعالى ( قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ) أي ذنب كبير لكن عند أصحابنا ليس ذلك على إطلاقه بل التحريم بالنسبة إلى من يرى حرمة الشهر إذا لم يبدأ أمّا من لا يرى له حرمة أو يرى ويبدأ فيجوز القتال ولذلك قال [ الله ] تعالى « قتال » بالتنكير والنكرة في الإثبات لا تعمّ وقال الأكثر إنّه كان حراما مطلقا ثمّ نسخ وقال عطا بل التحريم باق لم ينسخ.
٢ ـ أنّه لمّا اعترض المشركون على رسول الله صلىاللهعليهوآله بفعل السريّة أمره الله تعالى بمقابلتهم بأعظم ممّا فعلته السريّة على غير قصد وذلك هو صدّهم عن سبيل الله وكفرهم به وإخراج رسول الله صلىاللهعليهوآله وأتباعه من المسجد الحرام وصدّهم له عام الحديبيّة و [ أنّ ] ذلك أعظم عند الله من قتل ذلك الشخص.
٣ ـ أنّ أهل السريّة لمّا عظم عليهم ما فعلوه وتابوا منه ظنّ قوم أنّهم إن خلصوا من الإثم فليس لهم من الأجر شيء فأنزل الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ ) (٣).
__________________
(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٣١٢. الدر المنثور ج ١ ص ٢٥٠.
(٢) سيرة ابن هشام ج ١ ص ٦٠٥.
(٣) البقرة : ٢١٨.