قال الحسن البصري : المراد الطّهارة من الذّنوب والأكثر : أنّها الطّهارة من النّجاسات فقيل : نزلت في أهل قباء ، روي ذلك عن الباقر والصّادق عليهماالسلام (١) ( يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا ) بالماء عن الغائط. روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال لهم : « ماذا تفعلون في طهركم فإنّ الله قد أحسن عليكم الثّناء؟ فقالوا نغسل أثر الغائط بالماء (٢) ».
واعلم أنّ الغائط إن تعدّى المخرج تحتّم الماء لإزالته وإن لم يتعدّ فللمكلّف الخيار بين استعمال ثلاثة أحجار وشبهها طاهرة مزيلة للعين وبين الماء والجمع بينهما أفضل لاجتماع إزالة العين والأثر وفي قولهم : نغسل أثر الغائط. إشارة إلى هذا لدلالته على زوال العين قبل تغيّر الماء وإزالة الأثر بالماء وكذا ورد في رواية أخرى أنّهم قالوا : نتبع الغائط بالأحجار ثمّ نتبع الأحجار بالماء (٣) وأمّا البول فلا يجزي فيه إلّا الماء خاصّة تعدّى أو لم يتعدّ.
وقال الشافعيّ : الاستنجاء منهما واجب بالماء أو الأحجار وأوجب إعادة الصلاة على من لم يستنج وبه قال مالك وقال أبو حنيفة هو مستحبّ غير واجب.
قوله ( يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا ) المحبّة تأكيد الإرادة ولذلك لم يقل يريدون لشدّة إرادتهم وقابل سبحانه محبّتهم بمحبّته بالمعنى المذكور فقال ( وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ).
ثمّ اعلم أنّه يمكن عندي أن يستدلّ بهذه الآية على استحباب الكون على
__________________
(١) تفسير العيّاشي ج ٢ ص ١١١ و ١١٢.
(٢) راجع مجمع البيان ذيل الآية الشّريفة والوسائل ج ١ ب ٣٤ من أبواب أحكام الخلوة ح ١.
(٣) قال البيضاوي قيل لمّا نزلت مشى رسول الله ومعه المهاجرون حتى وقف على باب مسجد قباء فإذا الأنصار جلوس فقال أمؤمنون أنتم فسكتوا فأعادها فقال عمر انّهم مؤمنون وانّا معهم فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم أترضون بالقضاء قالوا نعم قال أتصبرون على البلاء قالوا نعم قال أتشكرون في الرّخاء قالوا نعم قال صلىاللهعليهوآله : مؤمنون وربّ الكعبة فجلس ثم قال يا معشر الأنصار انّ الله عزوجل قد اثنى عليكم فما الذي تصنعون عند الوضوء وعند الغائط فقالوا : يا رسول الله نتبع الغائط الأحجار الثلاثة ثم نتبع الأحجار الماء