أخذ الفداء منهم مصلحة للمسلمين لأنّ أكثرهم كانوا فقراء لا مركوب لهم ولا زاد ولا شكّ أنّ مصلحة المسلمين جزئيّة والإثخان في الأرض مصلحة كلّيّة فإذا تعارضتا فالكلّية أولى كما إذا وقعت آكلة في عضو فإنّه يجب قطعه لئلّا يتعدّى إلى البدن كلّه والخطاب لمن أخذ الفداء لا له صلىاللهعليهوآله لعصمته من الخطاء ولما نقلنا من كراهته لأخذ الفداء وقال الجبائيّ إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله عصى في هذه القضيّة إجماعا ولم يعيّن والظاهر أنّه في ترك القتل والإثخان وقوله باطل لما ثبت من عصمته مطلقا هذا وقد نقلنا كراهته لأخذ الفداء حتّى قال البلخيّ أجلّاء الصحابة [ كانوا ] برآء من أخذ الفداء وإنّما رغّب فيه غيرهم.
٤ ـ « فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً » إشارة إلى إباحة المغنم قال صلىاللهعليهوآله : « فضّلت على الأنبياء بخمس بعثت إلى الكافّة وأحلّ لي المغنم ونصرت بالرعب وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وخصّصت بالشفاعة » (١) والغنيمة ما أخذ من الكفّار قهرا وهل الفداء من الغنيمة قيل نعم والمراد بها هنا هو الفداء لأنّ الكلام فيه وقيل لا ، لأنّ الفداء ما أخذ عوضا من النفس وهو غير الغنيمة وفائدة الخلاف في وجوب الخمس وعدمه وأصل الحلال من حلّ العقد ولا فرق بينه وبين المباح في المعنى إلّا أنّ المباح ليس مسبوقا بالحظر بخلاف الحلال لما قلناه أنّه من حلّ العقد ولمّا كانت الغنائم محرّمة على الأمم السالفة قال حلالا والمباح مأخوذ من باحة الدار وسعتها فكونه مباحا معناه موسّع فيه والطيّب ما كان موافقا للطبع و « من » في « مِمّا غَنِمْتُمْ » للتبعيض ولولاها لأوهم تحريم الانتفاعات الباقية وتخصيص الأكل لكونه أعظم الانتفاعات.
٥ ـ [ ثمّ ] إنّه تعالى بشّر الأسرى عقيب أخذ الفداء منهم بأنّه إذا صلحت نيّاتهم وخلص الإسلام في قلوبهم أن يؤتيهم خيرا ممّا أخذ منهم من الفداء وروي عن العبّاس أنّه قال أبدلني الله خيرا ممّا أخذ منّي أملك الآن عشرين عبدا وإنّ
__________________
(١) السراج المنير ج ٣ ص ٢٣