وأخرجوا معهم القيان يضربون بالدفوف فأخبروا أنّ العير أخذت الساحل ونجت وقيل لأبي جهل نرجع إلى مكّة قال لا والله لا يكون ذلك حتّى ننحر الجزور ونشرب الخمور فيتسامع العرب أنّ محمّدا لم يصب عيرنا فمضى بهم إلى بدر وهي ماء كانت العرب تجتمع فيه لسوقهم يوما في السنّة.
فنزل جبرئيل عليهالسلام فأخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله بالقصّة وأنّ الله وعده إحدى الطائفتين إمّا العير وإمّا النفير فاستشار النبيّ صلىاللهعليهوآله أصحابه أيّهما أحبّ إليكم فقالوا العير فتغيّر وجه رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال إنّ العير قد مضت وهذا أبو جهل قد أقبل فقالوا عليك بالعير فاشتدّ غضبه صلىاللهعليهوآله فقام أبو بكر وعمر فتكلّما بكلام مضمونه إنّها قريش وخيلاؤها ما آمنت منذ كفرت ولا ذلّت منذ عزّت فقال لهما اجلسا فجلسا فقام المقداد رحمهالله فقال إنّا نشهد بأنّ ما جئتنا به حقّ والله لو أمرتنا أن نخوض الجمر لخضناه معك لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى عليهالسلام ( فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنّا هاهُنا قاعِدُونَ ) (١) بل نقول امض لأمر ربّك إنّا معك [ م ] مقاتلون فجزّاه رسول الله خيرا.
فاستبشر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ قال أشيروا عليّ ويريد
__________________
وغيرها للتجارة ، والنفير هم القوم ينفرون للقتال ويتنافرون فيه ، وكانت اهتمام قريش على أمرين : أمر المعاش والتجارة ، والذين يهمون به مع القوافل هم العير ، وأمر الدفاع عن حريمهم ، والذين يهمون به من الشبان والفوارس هم النفير ، وكانت في بدر رئاسة العير الى ابى سفيان ورئاسة النفير إلى عتبة بن ربيعة وبعد بدر لما لم يبق لهم من رجال الرئاسة إلا أبا سفيان صار على العير والنفير.
فهم إذا أرادوا أن يوبخوا أحدا بأنه لا يصلح لأي مهم قالوا : لا في العير ولا في النفير ، ومنه قول الشاعر :
إذا ما فضلت عليا قريش |
|
فلا في العير أنت ولا النفير |
(١) المائدة : ٢٧.