أنّ من جاء منهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله يردّه عليهم ومن أتاهم من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يردّ فقدمت سبيعة بنت الحارث الأسلميّة مسلمة بعد ختم الكتاب فقدم زوجها مسافر وقيل صيفيّ ابن الراهب وكان كافرا فقال يا محمّد اردد عليّ امرأتي فإنّك شرطت لنا أن تردّ علينا من أتاك منّا وهذه طينة الكتاب لم تجفّ فنزلت الآية (١) وقد تضمّنت أحكاما :
١ ـ قد تقدّم وجوب الوفاء بما تضمّنه عقد الصلح من الشروط الصحيحة لا الفاسدة وصلح الحديبية وإن تضمّن ردّ من أتا [ نا ] منهم لكنّه مطلق قابل للتقييد بعدم الاشتمال على المفسدة فلذلك كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يردّ من الرجال من له عشيرة يمنعونه من الفتنة عن دينه وأمّا من ليس له عشيرة يمنعونه فلم يردّه خوفا من الفتنة وكذا لم يردّ المرأة مطلقا وإن كان لها عشيرة لأنّهم لا يمنعونها من التزويج بالكافر وحينئذ لا تؤمن فتنتها من زوجها فإنّ المرأة تأخذ من دين بعلها.
٢ ـ إذا قدمت المرأة مسلمة تمتحن بمقتضى الآية أي تختبر قال ابن عباس هو أن تستحلف أنّها ما خرجت من بغض زوج [ ها ] ولا رغبة في أرض ولا التماس دنيا ولا عشقا لرجل منّا وإنّما خرجت حبّا لله ولرسوله وبالجملة إذا تحقّق إسلامها لم تردّ وقوله « اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ » أي أنتم مكلّفون بما يظهر لكم من حالها وحقيقة إيمانها معلومة لله سبحانه.
٣ ـ « فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ » أراد الظنّ المتاخم للعلم لا العلم حقيقة فإنّه غير ممكن وعبّر عن الظنّ بالعلم إيذانا بأنّه كهو في وجوب العمل به « فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ » فيه تصريح بوقوع فسخ النكاح من غير طلاق بمجرّد إسلامها لكن ذلك إن كان قبل الدخول وقع الفسخ في الحال وإن كان بعده توقّف استقراره على انقضاء العدّة فلو أسلم الزوج في العدّة فهو أحقّ بها هذا في غير الكتابيّين أمّا هما فان كان الإسلام من الزوج فهو على نكاحه وإن كان من الزوجة فكما تقدّم والتكرار للتأكيد أو الأوّل للفرقة والثاني لتحريم الاستيناف.
__________________
(١) مجمع البيان ج ٩ ص ٢٧٣.