٣ ـ اختلف أيّهما أفضل (١) فعل عمّار أو فعل أبويه؟ فقيل فعل أبويه أفضل
__________________
(١) أقول ـ : قد نزل في التقية آيتان أولاهما في النحل : ١٠٦ « مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ».
المراد بالكفر هو التكلم بكلمة الكفر بقرينة الاستثناء وانما جعل التكلم بكلمة الكفر كفرا ، فإنها لو خلى وطبعها تكشف عن اعتقاد الكفر كما جعل التكلم بكلمة الايمان ايمانا لأنها تكشف عن اعتقاده.
لكنه من يكفر بالله كذلك اما يكون مكرها عليه بالجبر والتعذيب فيتلفظ به ضيقا حرجا صدره وقلبه مطمئن بالإيمان يعرج على كلمة التوحيد ، واما يكون منشرح الصدر به مبتهجا بذلك. وقد يكون خائضا مع الخائضين يتلفظ به لهوا ولعبا.
فقوله تعالى ( مَنْ كَفَرَ بِاللهِ ) عنوان عام يشمل الأقسام الثلاثة وقوله « إِلّا مَنْ أُكْرِهَ » يخرج القسم الأول ، وقوله « وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً » استدراك بياني يبين المراد من قوله « مَنْ كَفَرَ بِاللهِ » ويخصه بالقسم الثاني.
فلما اقتحم الاستثناء ثم الاستدراك بين المبتدأ وهو قوله « مَنْ كَفَرَ بِاللهِ » وبين خبره وهو « فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ » وطال البعد بينهما لزم دخول الفاء على الخبر ، ومعنى الآية « من تكلم بكلمة الكفر ولا أريد به من اكره على ذلك ( وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً ، فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ ) الآية.
وانما فصل البحث وخص الحكم بالقسمين الأولين وأضرب عن القسم الثالث بيانا وحكما لانه من آثار النفاق وسفاسف المنافقين ولم يظهروا إلا بالمدينة ولذلك نزلت فيهم بالمدينة في التوبة ٦٥ و ٧٤ « وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ ». ( يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا ) الآية.
واما الاستثناء بقوله « إِلّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ » فالظاهر منه هو الرخصة في التكلم بكلمة الكفر بالله ، منة على العباد بالحنيفية السهلة ، وإبقاء على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وإذا كان الكفر بالله تعالى عزوجل مرخصا فيه عند الاضطرار والإكراه فالكفر بالنبي صلىاللهعليهوآله أو الأئمة الهداة المهديين عليهمالسلام