الحيض بعد الانقطاع وإن لم تغتسل وفي أقلّه لا يقربها بعد الانقطاع إلّا مع الاغتسال
__________________
القاسم بن سلام وابى جعفر الطّبري وابى حاتم السجستاني ذكروا في مصنّفاتهم أضعاف تلك القرائات وانّما كان ابن مجاهد هو الّذي قام على رأس الثّلاث مأة للهجرة في البغداد الّذي قالوا في حقّه : انّه تسبّع السّبعة ، وقد حظيت قراءة السّبعة من لدن ابن مجاهد بشهرة واسعة حتى توهّم عدّة رواية نزول القرآن بالأحرف السّبع ارادة القراءات السّبع.
والحاصل انّ المتواتر من القرآن ليس الّا ما بين الدّفتين وانّ القراءات ليست بمتواترة بل انّما هي امّا اجتهاد من القرّاء ، أو نقل آحاد لم يثبت عن النّبي صلىاللهعليهوآله فعليه يكون الآية بالنسبة إلى حكم الطاهرة غير المتطهّرة مجملة ، فيكون موردا لما شرحه الشّيخ الأنصاري في التّنبيه العاشر من تنبيهات الاستصحاب وذكره المحقّق الخراساني في التّنبيه الثّالث.
وحيث انّ حكم العام ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ ) ليس حكما مجعولا على نحو الدّوام والاستمرار بل جعل كلّ يوم بل كل آن من الآنات فردا لموضوع العام ، فالمتّبع في غير ما تيقّن تخصيصه هو العمل بالعام ، ونتيجته جواز الوطي بعد الطّهر. ولو فرض تواتر القراءات أيضا قلنا : انّه مع الفرض لا يكون بينهما تعارض بحسب السّند ، بل التّعارض بينهما بحسب الدّلالة. فإذا علمنا إجمالا انّ احد الظّاهرين غير مراد في الواقع فلا بدّ من القول بتساقطهما ، فإنّ أدلّة التّرجيح أو التّخيير انّما هو في تعارض الاخبار ، وبعد التساقط يكون عموم العام ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ ) متبعا. هذا من حيث الاستناد الى الكتاب. وامّا الاخبار فحيث إنّها متعارضة ، فالمتّبع هو التّخيير ، ولازمه جواز الأخذ بما دلّ على الإباحة. وحيث انّ اخبار المنع ليست بصريحة في الحرمة فالجمع بينهما بحمل ما دلّ على المنع على الكراهة جمعا عرفيّا أخرى فتدبّر.
وقال العلّامة الحكيم مدّ ظلّه في المستمسك ( ج ٣ ص ٢٩٨ ) « وعلى قراءة التّخفيف بتعارض الصدر والذّيل لظهور الطّهارة في النقاء وكما يمكن التّصرف في الأوّل بحمل الطّهارة على الغسل يمكن في الثّاني بحمل التّطهّر على النّقاء أو حمل الأمر على الإباحة بالمعنى الأخصّ المقابل للحرمة والكراهة والأخير أقرب لما فيه من المحافظة على التعليل بالأذى المختص بالدّم وعلى اختلاف معنيي الفعل المجعول غاية والمجعول شرطا في الجملة الثانية الّذي يشهد به اختلافها في الهيئة. نعم الأقرب من ذلك كلّه تقييد إطلاق الغاية بمفهوم الشرطية ويتعيّن حينئذ الخروج عن ظاهرها بما عرفت من النصوص فتعيّن حمل الأمر على الإباحة بالمعنى الأخصّ ».