شهرا وقيل تسعة عشر ـ قال ثمّ وجّهه الله إلى الكعبة وذلك أنّ اليهود عيّروا رسول الله صلىاللهعليهوآله بأنّه تابع لهم ويصلّي إلى قبلتهم فاغتمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله من ذلك غمّا شديدا وخرج في جوف اللّيل ينظر إلى آفاق السّماء ينتظر من الله في ذلك أمرا فلمّا أصبح وحضر وقت صلاة الظّهر وكان في مسجد بني سالم قد صلّى من الظّهر ركعتين فنزل جبرئيل عليهالسلام فأخذ بعضديه وحوّله إلى الكعبة وأنزل عليه « قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ » فلنولّينّك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام » وكان قد صلّى ركعتين إلى البيت المقدّس وركعتين إلى الكعبة. فقالت اليهود « ما وَلّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ » إنكارا منهم للنسخ (١).
وقيل القائل منافقوا المدينة حرصا منهم على الطّعن على رسول الله صلىاللهعليهوآله وقيل مشركو مكّة فقالوا إنّه اشتاق إلى مولده وقبلة آبائه وسيرجع إلى دينهم فنزل.
« قُلْ لِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ » أي مالك لهما ولسائر الأمكنة يشرّف ما شاء منهما بالتّوجه إليه بحسب ما يراه من المصلحة أو أنّه تعالى ليس في جهة حتّى إذا انحرف المصلّي عنها انحرف عن الله تعالى بل نسبته إلى أمكنة الشّرق والغرب على السّواء وهي نسبة التملّك وإنّما الاعتبار بتوجّه قلب المصلّي إلى الله سبحانه ، وتوجّه وجه المصلّي إلى جهة عنوان لتوجّه قلبه ، وحيث إنّ الجهات كلّها متساوية في ذلك فالمرجّح هو الأمر لا خصوصيّة الجهة والمراد بالمشرق والمغرب ما ينقسم من الأرض إليهما ولا واسطة بينهما.
وقال الزمخشريّ المراد بلاد المشرق والمغرب ، فيلزمه أن لا يكون البراري والخربان منهما وليس كذلك.
قوله تعالى ( يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) أي الطّريق المستقيم بحسب ما يقتضيه المصلحة والحكمة تارة إلى بيت المقدس وتارة إلى الكعبة ، ووجه كون التوجّه إلى الكعبة صراطا مستقيما أنّه غير مائل إلى قبلة اليهود وهو بيت المقدس
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٢٢٢. تفسير القمي ص ٥٣ مع تقديم وتأخير وأخرجه في البرهان ج ١ ص ١٥٨.