تحقيق : المحقّقون من أصحابنا على أنّ القبلة هي الكعبة بالحقيقة لمن كان مشاهدا لها أو في حكمه كالأعمى ومن كان بينه وبينها ما لو أزيل لشاهدها وأمّا من ليس كذلك فقبلته الجهة وبه قال جملة الفقهاء وهو الحقّ لوجوه الأوّل إجماع العلماء على وجوب استقبالها لمن هو مشاهد لها دون شيء من أجزاء المسجد فتكون هي القبلة الثّاني رواية أسامة بن زيد أن النبيّ صلىاللهعليهوآله صلّى قبل الكعبة وقال هذه القبلة (١) الثّالث رواية الأصحاب عن أحدهما عليهماالسلام أنّ بني عبد الأشهل أتوا وهم في الصّلاة وقد صلّوا ركعتين إلى البيت المقدّس فقيل إنّ نبيّكم قد صرف إلى الكعبة فتحوّل النساء مكان الرّجال والرّجال مكان النّساء وجعلوا الرّكعتين الباقيتين إلى الكعبة فصلّوا صلاة واحدة إلى القبلتين فلذلك سمّوا مسجدهم مسجد القبلتين ، وغير ذلك من الرّوايات (٢).
سؤال : على قولكم هذا لم قال « فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ » أليس كان ينبغي أن يقول : فولّ وجهك إلى الكعبة.
جواب : قال الله تعالى ذلك وهو صلىاللهعليهوآله في المدينة ولا ريب أنّ البعيد فرضه الجهة لا العين لأنّه حرج وأيضا لو كان الواجب التوجّه إلى المسجد أو جهته عملا بظاهر الآية لوجب ذلك أيضا للحاضر المشاهد واللّازم كالملزوم في البطلان وبيان الملازمة ظاهر إن قلت ذلك مسلّم لولا المخصّص قلت الجواب بضعف المخصّص إذ رواته بعضها عاميّ المذهب وبعضها زيديّ وبعضها مرسل وأمّا رواية المفضّل بن عمر
__________________
(١) راجع المغني لابن قدامه ج ١ ص ٤٣٩ وتفسير الطّبري ج ٢ ص ٢٣ عند تفسير الآية وفيهما : انّ النّبي صلىاللهعليهوآله صلّى ركعتين قبل القبلة ثمّ قال هذه القبلة. نعم في رواية في تفسير الطّبري عن أسامة قال : خرج النّبي صلىاللهعليهوآله من البيت فصلّى ركعتين مستقبلا بوجهه الكعبة فقال هذه القبلة مرّتين. وأظنّ انّ كلمة « قبل القبلة » في المغني وبعض روايات الطّبري من سهو الناسخ.
(٢) الوسائل ب ٢ من أبواب القبلة ح ١ و ١٢ وغيره.