لزم من صعود الملائكة بالأمر من الأرض أن يكون الله فيها وهو باطل.
٣ ـ ( فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها ) تقدّم أنّه أمر بالتوجّه إلى الصخرة تألّفا لليهود وكان صلىاللهعليهوآله يحبّ التوجّه إلى الكعبة لأنّها قبلة أبيه إبراهيم أو لما تقدّم أنّ اليهود قالوا يخالفنا محمّد في ديننا ويصلّي إلى قبلتنا فقال صلىاللهعليهوآله لجبرئيل وددت أن يحوّلني الله إلى الكعبة فقال جبرئيل عليهالسلام إنّما أنا عبد مثلك وأنت كريم على ربّك فاسأل أنت فإنّك عند الله بمكان فعرج جبرئيل وجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يديم النّظر إلى السّماء رجاء أن ينزل جبرئيل بما يحبّ من أمر القبلة فنزلت ، وقيل كان قد وعد بالتّحويل فكان ينتظره ويترقّبه لموافقته لمحبّته الطّبيعيّة ولا يلزم كونه ساخطا للقبلة الاولى.
« فَلَنُوَلِّيَنَّكَ » من قولهم ولّيت فلانا الأمر أي مكّنته منه وحكّمته فيه « وترضاها » صفة ل « قبلة » أي مرضيّة لك.
٤ ـ ( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) هو النّاسخ للتوجّه إلى الصخرة وكان ذلك في رجب قبل قتال بدر بشهرين قال ابن عبّاس هو أوّل نسخ وقع في القرآن وقيل هو نسخ للسنّة بالكتاب فإنّه ليس في القرآن أمر بالتوجّه إلى الصخرة صريحا. ثمّ اعلم أنّ الأمر هنا على التحتّم والجزم لا على التّخيير كما قيل لانعقاد الإجماع على بطلان التوجّه إلى الصخرة والشّطر هو النّحو والجهة قاله الجوهريّ وأنشد :
أقول لامّ زنباع أقيمي |
|
وجوه العيس شطر بني تميم (١) |
وقرأ أبيّ « تلقاء المسجد الحرام » وقول الجبّائي إنّ الشّطر النّصف باطل باتّفاق المفسّرين وإنّما كان حراما لحرمة القتال فيه أو لمنعه من الظّلمة أن يتعرّضوه.
__________________
(١) الصّحاح طبعة شربتلى ص ٦٩٧. وفيه صدور العيس ، والبيت لأبي جندب الهذلي أخي أبي خراشة أوّل أبيات قالها يخاطب بها أمرته أمّ زنباع من بنى كلب بن عوف ، في قصّة نقلها في الأغاني. واستشهد بالبيت الشّيخ قدسسره في التّهذيب باب القبلة وفيه أقرئ صدور العيس والشّوكانى في فتح القدير عند تفسير الآية ونسبه في تفسير الرّازي إلى ساعدة بن جوية ، والعيس جمع عيساء كبيضاء الإبل البيض يخلط بياضها شقرة.