__________________
فإذا جاء أحدكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب وللبخاري في تاريخه عن عبد الله بن عكيم قال حدّثنا مشيخة لنا من جهينة أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله كتب إليهم إلا تنتفعوا من الميتة بشيء.
وحيث ان الرواية كانت قبل وفاة النبي بشهر أو شهرين أو أربعين يوما أو ثلاثة أيام على ما في نيل الأوطار ج ١ ص ٧٨. قالوا : انّه ناسخ لما ورد من الحكم بالطّهارة ويؤيده ما صرّح به في رواية الدّارقطنى ، وهذا هو المطابق للقواعد الأصوليّة لأهل السنة فإنهم يحكمون عند تعارض الاخبار بناسخية المتأخر ان علم التاريخ والتساقط أو الترجيح ان لم يعلم ولا يخفى عليك ان المرجح للأخذ برواية ابن عكيم ومع قطع النّظر عن تأخره كما عرفت عمل الصحابة حيث قد عرفت عمل عمر وابنه وعمران وعائشة بها وإنكار عائشة لروايتها الطّهارة يوقظنا بأنّها كانت عالمة بنسخها ولذا لم تعمل بما روتها فقد عرفت حكاية النووي عنها الحكم بالنّجاسة وروايتها الطّهارة كما في المنتقى على ما في نيل الأوطار ج ١ ص ٧٥ عن عائشة أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله أمران ينتفع بجلود الميتة إذا دبغت رواه الخمسة إلّا الترمذي وللنسائى سئل النّبي صلىاللهعليهوآله عن جلود الميتة فقال دباغها ذكاتها وللدارقطنى عنها عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : طهور كل أديم دباغه قال الدارقطنى إسناده كلهم ثقات.
فعدم عملها بما روته يضعّف الحكم بما روته ويقوّى الحكم بالنّجاسة كما رواه ابن عكيم. وضعّف روايتها الطّهارة ابن التركمان في ص ١١ ج ١ من الجوهر النقي بإبراهيم بن الهيثم. وما ذكرناه في حكم التعارض موافق لما في كتبهم الأصولية انظر جمع الجوامع للسبكى بشرح المحلّى وحاشية البناني وتيسير التّحرير للأمير پادشا والمنهاج والمختصر وغيرها من الكتب الأصولية ولبعضهم في وجوه الترجيح تقديم خبر الحظر على الإباحة وعليه فالترجيح أيضا لخبر ابن عكيم.
القول الثاني : انّه يطهر بالدّباغ جميع جلود الميتة إلّا الكلب والخنزير والمتولّد منهما ظاهره وباطنه ويجوز استعماله في الأشياء اليابسة والمائعة من غير فرق بين مأكول اللحم وغيره ، والى هذا ذهب الشافعي واستدل على استثناء الخنزير بقوله تعالى « فَإِنَّهُ رِجْسٌ » وجعل الضمير عائدا إلى المضاف اليه وقاس الكلب عليه بجامع النجاسة ، واستدل أهل هذا المذهب على طهارة ما عداهما بما رووه عن ابن عباس على ما في المنتقى