ومن حمل لفظ « الاستمتاع » على الانتفاع فقد أبعد ، لأنه لو كان كذلك لوجب أن لا يلزم من لا ينتفع بها شئ من المهر. فقد علمنا أنه لو طلقها قبل الدخول للزمه نصف المهر ، فان خلا بها خلوة تامة لزمه جميع المهر عند كثير من الفقهاء وان لم يلتذ ولم ينتفع.
(فصل)
وأما الخبر الذي يروونه أن النبي عليهالسلام نهى عن المتعة (١) ، فهو خبر واحد لا يترك له ظاهر القرآن ، ومع ذلك يختلف لفظه وروايته : فتارة يروون أنه نهى عنها في عام خيبر ، وتارة يروون أنه نهى عنها في عام الفتح ، وقد طعن أيضا في طريقه بما هو معروف.
وأدل دليل على ضعفه قول عمر « متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أنهى عنهما ومعاقب عليهما » (٢) ، فأخبر أن هذه المتعة كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وانه هو الذي نهى عنها لضرب من الرأي.
فان قالوا : انما نهى لان النبي عليهالسلام كان نهى عنها.
قلنا : لو كان كذلك لكان يقول متعتان كانتا على عهد رسول الله فنهى عنهما وأنا أنهى عنهما أيضا ، فكان يكون آكد في باب المنع ، فلما لم يقل ذلك دل على أن التحريم لم يكن صدر عن النبي صلىاللهعليهوآله وصح ما قلناه.
وقال الحكم بن عيينة : قال علي عليهالسلام : لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى الا شقي (٣).
__________________
١) انظر سنن الترمذي ٣ / ٤٢٩.
٢) الغدير ٦ / ٢١٠ عن سنن البيهقي ٧ / ٢٠٦ ولفظه « وأعاتب عليهما ».
٣) الدر المنثور ٢ / ١٤٠. وبمضمونه حديث عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، انظر الاستبصار٣ / ١٤١.