الأولة غيرته الشريعة بحكم هذه الآية كما غيرت كثيرا من سنن الجاهلية.
(فصل)
أما قوله تعالى « اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب » (١) فمعناه أحل لكم العقد على المحصنات يعني العفائف من المؤمنات والحرائر منهن ، ولا يدل على تحريم من ليس بعفيفة ولا أمة ، لان ذلك دليل الخطاب وقد تقدم أنه لو عقد على أمة أو من ليست بعفيفة صح العقد والأولى تجنبه. وآخر الآية ينطق بأن المراد الحرائر ، وهو قوله « إذا آتيتموهن أجورهن » ، لان ذلك يتأتى في الحرائر ومهور الإماء يعطى أربابهن كما قدمنا.
فان قيل : كيف قال اليوم أحل لكم تلك النساء ، أتراهن قبل ذلك اليوم كن محرمات؟.
قلنا : المراد استقرار الشرع وانتهاء التحريم واعلام الامن (٢) من أن تحرم محصنة بعد اليوم. وعندنا لا يجوز العقد على الكتابية نكاح الدوام لقوله تعالى « ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن » على ما قدمناه ، ولقوله « ولا تمسكوا بعصم الكوافر ».
فإذا ثبت ذلك قلنا في قوله « والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب » تأويلان :
أحدهما ـ أن يكون المراد بذلك اللاتي أسلمن منهن ، والمراد بقوله « والمحصنات من المؤمنات » من كن في الأصل مؤمنات وولدن على الاسلام.
__________________
١) سورة المائدة : ٥.
٢) أي هذا اعلام من الله تعالى للمسلمين أن يأمنوا تحريم المحصنات بعد اليوم « ج ».