الدم في الرحم. ويجئ على هذا الأصل أن يكون القرء الطهر لاجتماع الدم في جملة البدن ـ هذا قول الزجاج.
والوجه الثاني : أن يكون أصل القرء وقت الفعل الذي يجري على عادة في قول أبى عمرو بن العلاء ، وقال هو يصلح للحيض والطهر ، يقال هذا قارئ الرياح أي وقت هبوبها. فعلى هذا يكون القرء الحيض لأنه وقت اجتماع الدم في الرحم على العادة المعروفة فيه ، ويكون الطهر لأنه وقت ارتفاعه على عادة جارية فيه.
واستشهد أهل العراق بأشياء على أن المراد الحيض ، منها قوله عليهالسلام في مستحاضة سألته : دعي الصلاة أيام أقرائك. واستشهد أهل المدينة بقوله تعالى « فطلقوهن لعدتهن » أي طهر لم تجامع فيه ، كما يقال جئت لغرة الشهر.
وتأوله غيرهم لاستقبال عدتهن وهو الحيض ، وتدل الآية على ذلك ، لان معناه في طهر لم يجامعهن فيه ، وهو اختيار ابن جرير.
وقال أبو مسلم : لما أوجب الله على من أراد تطليق امرأته أن يطلقها طاهرة غير مجامعة وأوجب عليها التربص إلى أن ترى ثلاثة قروء : نظرنا فكان المراد ثلاثة أطهار ، لأنه لا خلاف أن السنة في الطلاق أن يكون عند الطهر.
فان قيل : الظرف اما مكان أو زمان ، والقرء ليس واحدا منهما.
قلنا : الظرف هنا زمان ، والتقدير مدة انقضاء ثلاثة قروء ، والقروء جمع القرء.
فان قيل : كيف أضاف الثلاثة إلى قروء وهي جمع الكثرة ، ولم يضفها إلى اقراء وهي جمع القلة.
فالجواب عنه : ان المعني في قوله تعالى « والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء » أي ليتربصن كل واحدة من المطلقات ثلاثة اقراء ، فلما أسند ثلاثة إلى جماعتهن والواجب على كل واحدة منهن ثلاثة اتى بلفظة « قروء » ليدل على الكثرة المرادة.