وجاز لهما أن يشهدا بذلك.
وشهادة النساء لا تقبل في الطلاق. ومتى فقدا لم يقع الطلاق.
فان قيل : ما الدليل على صحة جميع ما ذكرتم؟
قلنا : الحجة لنا بعد الاجماع قوله « يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن » إلى قوله « وأشهدوا ذوي عدل منكم » فأمر تعالى فيه بالاشهاد ، وظاهر الامر في عرف الشرع كما قدمنا يقتضي الوجوب ، فليس لهم أن يحملوا ذلك ههنا على الاستحباب لفقد الدليل عليه.
ولا يخلو قوله « وأشهدوا » من أن يكون راجعا إلى الطلاق ، كأنه قال إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأشهدوا ، أو أن يكون راجعا إلى الفرقة ، أو إلى الرجعة التي عبر تعالى عنها بالامساك.
ولا يجوز أن يرجع ذلك إلى الفرقة التي ليست ههنا شيئا يوقع ويفعل ، وانما هو العدول عن الرجعة ، وانما يكون مفارقا لها بأن لا يراجعها ، فتبين بالطلاق السابق. على أن أحدا لا يوجب في هذه الفرقة الشهادة ، وظاهر الامر في الشرع يقتضي الوجوب.
ولا يجوز أن يرجع الامر بالشهادة إلى الرجعة ، لان أحدا لا يوجب فيها الاشهاد وانما هو يستحب فيها. فثبت أن الامر بالاشهاد راجع إلى الطلاق.
فان قيل : كيف يرجع إلى الطلاق مع بعد ما بينهما؟ قلنا : إذا لم يلق الا بالطلاق وجب عوده إليه مع قرب وبعد.
فان قيل : أي فرق بينكم في حملكم هذ الشرط على الطلاق وهو بعيد منه في اللفظ وهو مجاز وعدول عن الحقيقة ، وبيننا إذا حملنا الامر بالاشهاد ههنا على الاستحباب ليعود إلى الرجعة القريبة منه في ترتيب الكلام.
قلنا : حمل ما ظاهره الوجوب على الاستحباب خروج عن عرف الشرع