وموضع « أن يتراجعا » خفض عند الخليل ، وتقديره في أن يتراجعا ، وقال الزجاج موضعه النصب. وموضع أن الثانية نصب بلا خلاف يظن. وانما جاز حذف في من « أن يتراجعا » لطولها بالصلة ، ولو كان مصدرا لم يجز.
وقوله تعالى « فان طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا » يدل على أن الوطئ في عقد الشبهة لا يحل للزوج الأول ، لان الطلاق لا يلحق نكاح الشبهة ، وانما جعل الظن شرطا لأنه في المستقبل فلا يحصل العلم به. ومعناه ان عرفا من أخلاقهما وطرائقهما ما يقوي في ظنونهما أنهما يقومان بحدود الله تعالى.
(فصل)
وقوله تعالى « الطلاق مرتان فامساك بمعروف » (١) يدل على صحة المراجعة بعد التطليقة الأولى وقيل انقضاء العدة ، وكذلك يدل على صحة المراجعة بعد التطليقة الثانية قبل انقضاء العدة ، من غير اعتبار رضا المرأة إذا لم يكن خلعا ، لأنه تعالى قال « فامساك بمعروف » وهو المراجعة ولم يعتبر رضاها.
والتراجع الذي ذكره الله تعالى في قوله « فان طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا » (٢) هو أن يتعاقدا بعد العدة من موت الزوج الثاني أو طلاقه بمهر جديد وعقد مستأنف ، ورضاها لابد منه ههنا ، لأنه الان خاطب من الخطاب وهي أجنبية ، وقد أشار إليه بقوله « ان يتراجعا ». واعتبر ههنا في التراجع فعليهما وما اعتبر في التراجع هناك بقوله « فامساك » الا فعله.
ثم قال تعالى « وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا » (٣) والمعنى إذا بلغن قرب انقضاء
__________________
١) سورة البقرة : ٢٢٩.
٢) سورة البقرة : ٢٣٠.
٣) سورة البقرة : ٢٣١.