ان لم تطلقني لأوطئن فراشك من تكرهه ، فمتى سمع منها هذا القول أو علم هذا من حالها وان لم تنطق به وجب عليه خلعها ، وقد سمى الله تعالى في كتابه الخلع افتداء فقال « فلا جناح عليهم فيما افتدت به » (١). والفدية العوض الذي تبذله المرأة لزوجها تفتدي نفسها منه به. وهذا هو الخلع في الشرع ، وانما استعمل هذا (٢) في الزوجين لان كل واحد منهما لباس لصاحبه.
والأصل في الخلع الكتاب والسنة ، قال تعالى « ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الا أن يخافا ألا يقيما حدود الله » (٣) الآية.
فإذا أراد خلعها اقترح عليها شيئا معلوما تعطيه ، سواء كان ذلك مثل المهر الذي أعطاها أو أكثر منه أو أنقص حسبما يختاره أي ذلك فعل جاز وحل له ما يأخذ منها ، فإذا تقرر بينهما على شئ معلوم طلقها بعد ذلك ، وتكون تطليقة بائنة لا يملك رجعتها الا أن ترجع المرأة فيما بذلته من مالها قبل العدة (٤) ، فان رجعت في شئ من ذلك في العدة كان له الرجوع أيضا في بعضها ما لم تخرج من العدة ، فإذا خرجت من العدة لم يلتفت إليها ذا رجعت فيما بذلته ولم يكن عليها أيضا رجعة فان أراد كان بعقد جديد.
أما قوله تعالى « ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الا ان يخافا » أي الا أن يظنا ، ومن ضم الياء من « يخافا » فتقديره أن لا يخافا على أن لا يقيما حدود الله. وقال أبو علي الفارسي : خاف يتعدى إلى مفعول واحد ، وذلك المفعول يكون تارة أن وصلتها وتارة غيرها ، ولا يلزم حمزة سؤال من قال ينبغي
__________________
١) سورة البقرة : ٢٢٩.
٢) أي اسم « الخلع » أطلق على هذا الطلاق لان الزوج كأنه يخلع لباسه عن بدنه إذ يطلق زوجته.
٣) سورة البقرة : ٢٢٩.
٤) أي قبل انقضاء العدة.