وقال تعالى « ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم معايش » (١) أخبر تعالى على وجه الامتنان على خلقه بأصناف نعمه أنه مكن عباده في الأرض من التصرف فيها من سكناها وزراعتها ، وجعل لهم فيها ما يعيشون به مما أنبت لهم من الحبوب والثمرات وغيرها. والمعيشة وصلة من جهة مكسب المطعم والمشرب والملبس إلى ما فيه الحياة.
والتمكين اعطاء ما يصح معه الفعل مع ارتفاع المنع ، لان الفعل كما يحتاج إلى القدرة فقد يحتاج إلى [ آلة والى دلالة والى سبب كما يحتاج إلى ] (٢) رفع المنع ، والتمكين عبارة عن جميع ذلك.
وقال تعالى « كلوا من طيبات ما رزقناكم » (٣) المراد به الإباحة ، لأنه تعالى لا يريد المباحات من الأكل والشرب وغيرهما.
« ولا تطغوا فيه » (٣) أي لا تتعدوا فيه فتأكلوه على وجه حرمه الله ، فمتى طغيتم فيه وأكلتموه على وجه الحرام نزل عليكم غضبي.
(فصل)
وقال بعض المفسرين : ان قوله تعالى « يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا » (٤) إشارة إلى ما ذكره النبي عليهالسلام تفصيلا لتلك الجملة ، وهو قوله : إذا مر الانسان بالثمرة جاز له أن يأكل منها بقدر كفايته ولا يحمل منها شيئا على حال. ولذلك قال تعالى بعده « ولا تتبعوا خطوات الشيطان ».
__________________
١) سورة الأعراف : ١٠.
٢) الزيادة من ج.
٣) سورة طه : ٨١.
٤) سورة البقرة ١٦٨.