بالعهد ان العهد كان مسؤولا » (١) أي مسؤولا عنه للجزاء عليه ، فحذف عنه لأنه مفهوم.
والآية أمر منه تعالى بالوفاء بالعهود التي تحسن ، ومتى عقد عاقد على ما لا يجوز نقض ذلك العقد الفاسد.
وقد يجب الشئ للنذر والعهد والوعد به ، وانما يجب عند العقد والعهد الذي يجب الوفاء به هو كل فعل حسن إذا عقد عليه وعاهد الله ليفعلنه بالعزم عليه فإنه يصير واجبا عليه ، ولا يجوز له خلافه كما ذكرناه. فأما إذا رأى غيره خيرا منه فليأت الذي هو خير فلا كفارة عليه ، وهذا يجوز فيما كان ينبغي أن يشرط ، فأما إذا أطلقه وهو لا يأمن أن يكون غيره خيرا فقد أساء باطلاق العقد عليه.
ثم قال « ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها » (٢) وهذا نهي منه تعالى عن حنث الايمان بعد عقدها وتوكيدها. وفي الآية دلالة على أن اليمين على المعصية غير منعقدة ، لأنها لو كانت منعقدة لما جاز نقضها ، وأجمعا على أنه يجب نقضها ولا يجوز الوفاء به.
وقد مدح الله المؤمنين فقال « والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون » (٣) أي محافظون ما يعاهدون عليه ، والمراعاة قيام الداعي باصلاح ما يتولاه. وقال تعالى « ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل » (٤) وقال « ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لتصدقن » (٥).
__________________
١) سورة الإسراء : ٣٤.
٢) سورة النحل : ٩١.
٣) سورة المؤمنون : ٨.
٤) سورة الأحزاب : ١٥.
٥) سورة التوبة : ٧٥.