أحدها : ان المفسرين على خلاف هذا ، ولم يقل أحد منهم هو ما حرم من العثرات وانما ذكروا في معناه تتخذون منه ما حل طعمه من شراب أو غيره.
الثاني : أنه لو أراد بذلك تحليل السكر لما كان لقوله « ورزقا حسنا » معنى لان ما أحله وأباحه فهو أيضا رزق حسن.
فان قيل : فلم فرق بين الرزق الحسن وبينه والكل شئ واحد؟ قلنا : الوجه فيه أنه تعالى خلق هذه الثمار لتنتفعوا بها فاتخذتم أنتم منها ما هو حرام عليكم وتركتم ما هو رزق حسن.
وأما وجه المنة فبالأمرين معا ثابتة ، لان ما أباحه وأحله فالمنة به ظاهرة ليعجل الانتفاع به وما حرمه ، فوجه النعمة فيه أنه إذا حرم علينا وأوجب الامتناع ضمن في مقابلته الثواب الذي هو أعظم النعمة ، فهو نعمة على كل حال.
ويؤكد ذلك قوله « وهديناه النجدين » (١) وقوله « فألهمها فجورها وتقواها » (٢) ونحوه قولنا ان خلق نار جهنم نعمة من الله على العباد.
الثالث : ان السكر إذا كان مشتركا بين السكر والطعم وجب أن يتوقف فيه ولا يحمل على أحدهما الا بدليل ، وما ذكرناه مجمع على أنه مراد وما ذكر ليس عليه دليل.
والسكر في اللغة على أربعة أقسام (٣) : أحدها ما أسكر. والثاني ما طعم من
__________________
١) سورة البلد : ١٠.
٢) سورة الشمس : ٨.
٣) قال الصغاني في العباب السكر : نبيذ التمر ، وفى التنزيل « تتخذون منه سكرا » هذا قيل لهم قبل أن يحرم عليهم الخمر ، والسكر خمر الأعاجم ، ويقال لما يسكر السكر ومنه حديث النبي عليهالسلام « حرمت الخمرة بعينها والسكر من كل شراب » هكذا رواه أحمد ابن محمد بن حنبل [ المسند ] والاثبات. وقال ابن عباس : السكر حرم من ثمره قبل أن حرم وهو الخمر ، والرزق الحسن ما أحل من ثمره من الأعناب والتمور. وقال أبو عبيدة وأشد السكر الطعام جعلت اعراض الكرام سكرا ، أي جعلت دمهم طعما لك. وقال الزجاج : هذا بالخمر أشبه منه بالطعام ، والمعنى يتخمر بأعراض الكرام ، وهو أبين مما يقال للذي يتبرك في أعراض الناس. وقال بعض المفسرين : السكر الخل في التنزيل هذا شئ لا يعرفه أهل اللغة « منه ».