واليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه والشافعي في رواية.
وقال آخرون : ان من قصد قتل غيره بما يقتل مثله في غالب العادة ـ سواء كان بحديدة حادة كالسلاح أو مثقلة من حديد أو خنق أو سم أو احراق أو تغريق أو ضرب بالعصا أو الحصى حتى يموت ـ فان جميع ذلك عمد يوجب القود.
وبه قال الشافعي وأصحابه واختاره الطبري ، وهو مذهبنا على ما ذكرناه ، وقد أمر الله تعالى بذلك في قوله « يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالاثني » (١).
فان قيل : كيف قال « كتب عليكم » بمعنى فرض والأولياء مخيرون بين القصاص والعفو؟.
قلنا عنه جوابان : أحدهما انه فرض عليكم ذلك أن اختار أولياء المقتول القصاص ، والفرض قد يكون مضيقا وقد يكون مخيرا فيه. والثاني فرض عليكم ترك مجاوزة ما حد لكم إلى التعدي فيما لم يجعل لكم. والقصاص الاخذ من الجاني مثل ما جنى ، وذلك لأنه مال لجنايته.
(فصل)
وقال بعض المفسرين : ان هذه الآية منسوخة بقوله « وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس » (٢). قال جعفر بن مبشر : ليس هذا عندي كذلك ، لأنه تعالى انما أخبرنا أنه كتبها على اليهود. قلنا : وليس في ذلك ما يوجب أنه فرض علينا ، لان شريعتهم منسوخة بشريعتنا.
والذي نقوله نحن : ان هذه الآية ليست منسوخة ، لان ما تضمنته معمول
__________________
١) سورة البقرة : ١٧٨.
٢) سورة المائدة : ٤٥.