ويمكن أن يستدل أيضا على من خالف في قتل الجماعة بواحد بقوله تعالى « فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم » (١) ، والقاتلون إذا كانوا جماعة فكلهم معتدون ، فيجب أن يعاملوا ما عاملوا به القتيل.
فان قالوا : ان الله تعالى يقول « النفس بالنفس والحر بالحر » (٢) ، وهذا ينفي أن يؤخذ نفسان بنفس وحران بحر.
قلنا : المراد بالنفس والحر ههنا الجنس لا العدد ، فكأنه تعالى قال : ان جنس النفوس يؤخذ بجنس النفوس وكذا جنس الأحرار ، فالواحد والجماعة يدخلون في ذلك.
فان قيل : قد ثبت أن الجماعة إذا اشتركوا في سرقة نصاب لم يلزم كل واحد منهم قطع وإن كان كل واحد منهم إذا انفرد بسرقته لزمه القطع ، فأي فرق بين ذلك وبين القتل مع الاشتراك؟
قلنا : الذي نذهب إليه ـ وان خالفنا فيه الجماعة ـ أنه إذا اشترك نفسان في سرقة شئ من حرز وكان قيمة المسروق ربع دينار ويكون أيديهما عليه ، فإنه يجب عليهما القطع معا وقد سوينا بين القتل والقطع. ولهذه المسألة تفصيل ذكر في بابه.
(فصل)
واختلف أهل التأويل في قوله « من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا » (٣).
__________________
١) سورة البقرة : ١٩٤.
٢) سورة المائدة : ٤٥.
٣) سورة المائدة : ٣٢.