كلها قرئت منصوبة ومرفوعة ، والرفع للعطف على محل أن النفس ، لان المعنى وكتبنا عليهم النفس بالنفس ، اما لاجراء كتبنا مجرى لنا واما لان معنى الجملة التي هي قوله « النفس بالنفس » ما يقع عليه الكتب كما يقع عليه القراءة.
وكذلك قال الزجاج لو قرئ « ان النفس بالنفس » بالكسر لكان صحيحا أو الاستئناف ، والمعنى فرضنا عليهم فيها أن النفس مأخوذة بالنفس مقتولة بها إذا قتلها بغير حق.
وكذلك العين مفقوءة بالعين والأنف مجدوع بالأنف والاذن مقطوعة بالاذن والسن مقلوعة بالسن والجروح ذات قصاص ، وهو المقاصة. ومعناه ما يمكن فيه القصاص ويعرف المساواة.
مسألة :
ان قيل في قوله تعالى « والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون » (١) أهم محمودون على الانتصار؟
قلنا : نعم ، لان من أخذ الحق غير متعد حد الله ولم يسرف في القتل إن كان ولي الدم أو رد على سفيه محاماة على عرضه فهو مطيع وكل مطيع محمود.
على أن كلتا التعليلين الأولى وجزاؤها سيئة لأنها تسوء من ينزل به.
والمعنى أنه يجب إذا قوبلت الإساءة أن يقابل بمثلها من غير زيادة ، فمن عفى وأصلح بينه وبين خصمه بالعفو فأجره على الله ، عدة مبهمة لا يقاس أمرها في العظم ، لأنه لا يحب الظالمين دلالة على أن [ .. ] (٢) لا يكاد مؤمن فيه تجاوز بالسيئة ، خصوصا في حال الحرب والتهاب الحمية. والله أعلم بالصواب.
__________________
١) سورة الشورى : ٣٩.
٢) كلمة لا تقرأ في م.