ابنتي هاتين على أن تجعل أجر رعي ماشيتي ثماني سنين صداق ابنتي ، ثم جعل لموسى كل سخلة تلد على خلاف شية أمها. فأوحى الله إليه أن الق عصاك في الماء إذا شربن فولدن كلهن خلاف شيتهن. وجعل الزيادة على المدة إليه الخيار ، « فان أتممت عشرا فمن عندك » أي هبة منك غير واجبة عليك فقضى موسى أتم الأجلين وأوفاهما.
فإذا ثبت ذلك فاعلم أن الإجارة عقد معاوضة ، وهي من عقود المعاوضات اللازمة كالبيع والشراء.
والإجارة على ضربين : أحدهما ما تكون المدة معلومة والعمل مجهولا ، مثل أن يقول « آجرتك شهرا لتبني ». والثاني أن تكون المدة مجهولة والعمل معلوما [ مثل أن يقول « آجرتك لتبنى هذه الدار وتخيط هذا الثوب » ، فأما إذا كانت المدة معلومة والعمل معلوما ] (١) هنا فلا يصح ، فإنه إذا قال « استأجرتك اليوم لتخيط قميصي هذا » كانت الإجارة باطلة ، لأنه ربما يخيط قبل مضي النهار فيبقى بعض المدة بلا عمل ، وربما لا يفرغ منه بيوم ويحتاج إلى مدة أخرى ويحصل العمل بلا مدة.
والبهائم والحيوان تكترى للركوب وللحمولة وللعمل عليها ، بدلالة قوله تعالى « والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة » (٢).
وعن ابن عباس في قوله تعالى « ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم » (٣) فقال : المعنى لا جناح عليكم أن تحجوا أو تكرهوا الجمال للركوب والعمل.
__________________
١) الزيادة من ج.
٢) سورة النحل : ٨.
٣) سورة البقرة : ١٩٨.