(فصل)
وأما ما يجري مجرى الشركة فهو المضاربة ، يدل على صحتها قوله تعالى « وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله » (١) ولم يفصل.
والمضاربة والقراض بمعنى ، وهو أن يدفع الانسان إلى غيره مالا ليتجر فيه على أن ما يرزق الله من ربح كان بينهما على ما يشرطانه. والقراض لغة أهل الحجاز ، والمضاربة لغة أهل العراق ، واشتقاقها من الضرب في المال والتقليب واشتقاق القراض من القرض ، وهو القطع ، ومعناه ههنا أن رب المال قطع قطعة من ماله فسلمها إلى العالم وقطع له قطعة من الربح.
والمضارب ـ بكسر الراء ـ العامل ، لأنه هو الذي يضرب فيه ويقلبه وليس لرب المال منه اشتقاق ، يدل على ذلك ما رواه الحسن عن علي عليهالسلام أنه قال : إذا خالف المضارب فلا ضمان هما على ما شرطاه. والظاهر أنه أراد العامل لأنه إذا كان الخلاف منه فالضمان بالتعدي عليه.
وعلى جوازه دليل الكتاب والسنة والاجماع : فالكتاب ما تلوناه وقوله تعالى « فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله » (٢). وأما الاجماع فلا خلاف فيه ، والصحابة كانوا يستعملونه.
فإذا ثبت جواز القراض فاعلم أنه لا يجوز الا بالأثمان من الدراهم والدنانير ، وكان أمير المؤمنين عليهالسلام كره مشاركة اليهودي والنصراني والمجوسي الا أن تكون تجارة حاضرة لا يغيب عنها [ المسلم ] (٣).
__________________
١) سورة المزمل : ٢٠.
٢) سورة الجمعة : ١٠.
٣) الكافي ٥ / ٢٨٦ والزيادة منه.