عن أحاديثهم والالتجاء إلى قواعد ، كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع وفتحها وقول الصحابي إلى غير ذلك من القواعد الّتي ألجأهم إلى تأسيسها وإرسائها قلّة النصوص النبويّة في الشريعة والأحكام الفرعية.
ولكنّهم لو رجعوا فيما لم يرد فيه نصّ في الكتاب والسنّة النبويّة إلى أحاديث أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، لاستغنوا عن إرساء هذه القواعد والعمل بالظنون الّتي لا تغني من الحق شيئا.
ففي هذه النقطة بالذات تتّسع الشقّة بين الفقهين ، فقهاء الشيعة يعملون بكلا الثقلين ، ولكن فقهاء السنّة يعملون بالكتاب دون الثقل الآخر ويعتبرون مكانه قواعد ظنيّة اخترعت لأجل إعواز النصوص ، وقد كان لقلّة النصوص بعد رحيل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم دور في توسيع الشقّة بين الصحابة ، حتّى أنّ بعض المتورّعين من الصحابة ينهون عن السؤال عمّا ليس في الكتاب والسنّة.
روى الدارمي في سننه عن ابن عمر وقد جاءه رجل فسأله عن شيء ، فقال له : ولا تسأل عمّا لم يكن.
وقال القاسم : إنّكم تسألون عن أشياء ما كنّا نسأل عنها ، وتنقرون عن أشياء ما كنّا ننقر عنها ، تسألون عن أشياء ما أدري ما هي؟! ولو علمناها ما حلّ لنا أن نكتمها.
وقال عبادة بن يسر الكندي : أدركت أقواما ما كانوا يشدّدون تشديدكم ، ولا يسألون مسائلكم. (١)
__________________
(١) سنن الدارمي : ١ / ٤٩ و ٥٠.