وأخرج البخاريّ بسنده عن أبي أمامه قوله : ( صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ، ثمّ خرجنا حتّى دخلنا على أنس بن مالك ، فوجدناه يصلّي العصر! فقلت : يا عم! ما هذه الصلاة التي صلّيت؟ قال : العصر ، وهذه صلاة رسول الله صلىاللهعليهوآله التي كنّا نصلّي معه ) (١).
وكذا اخرج مالك في موطّئه عن ابن عباس : ( صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله الظهر والعصر جميعاً ، والمغرب والعشاء جميعاً ، في غير خوف ولا سفر ) (٢).
كما أخرج أحمد في مسنده عن ابن عباس أنّه قال : ( صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله في المدينة مقيماً غير مسافر سبعاً وثمانياً ) (٣).
ومصادر أُخرى ذكرت جمع النبيّ صلىاللهعليهوآله لصلاتي الظهر والعصر ، وصلاتي المغرب والعشاء ، من غير اضطرار (٤).
وبالجملة : فإنّ علماء الجمهور ـ القائلين بجواز الجمع وغير القائلين به ـ متّفقون على صحّة هذه الأحاديث وظهورها ، وتعليقاتهم خير دليل على ذلك! وحسبك ما نقله النوويّ في شرحه لصحيح مسلم ، والزرقانيّ في شرحه لموطّأ مالك ، والعسقلانيّ والقسطلانيّ ، وزكريا الأنصاريّ في شروحهم لصحيح البخاريّ ، وسائر من علّق على أيّ كتاب من كتب السنن المشتمل على أحاديث عبد الله بن عباس في الجمع بين الصلاتين.
علّة الجمع :
ولقد كانت الأحاديث التي روتها الصحاح ، كحديث ابن عباس : أراد أن لا يحرج أحداً من أُمّته ، وحديث معاذ بن جبل : أراد أن لا يحرج أُمّته ، صريحة في بيان العلة ، فجمع النبيّ صلىاللهعليهوآله بين صلاتي الظهرين وصلاتي العشائين ، هو
____________
١ ـ صحيح البخاريّ ١ / ١٣٨.
٢ ـ الموطّأ ١ / ١٤٤.
٣ ـ مسند أحمد ١ / ٢٢١.
٤ ـ سنن أبي داود ١ / ٢٧١ ، سنن النسائيّ ١ / ٢٨٦ ، السنن الكبرى للنسائيّ ١ / ٤٩١.