ما أراد بذلك؟ فقال : أراد ألاّ يحرج أُمّته.
فإذا كان هناك حرج في بعض الأحيان من صلاة كلّ فرض في وقته ، فيمكن الجمع ، على ألاّ يتّخذ الإنسان ذلك ديدناً وعادة ، كلّ يومين أو ثلاثة ، وكلّما أراد الخروج إلى مناسبة من المناسبات الكثيرة المتقاربة في الزمن ، إنّما جواز ذلك في حالات الندرة ، وعلى قلّة ، لرفع الحرج والمشقّة التي يواجهها الإنسان.
فمثلاً ، شرطي المرور إذا كانت نوبته قبل المغرب إلى ما بعد العشاء ، فله أن يجمع المغرب مع العشاء جمع تقديم أو تأخير ، على حسب استطاعته ، أو طبيب يجري عملية لمريض ، ولا يستطيع تركها ، يمكنه في هذه الحالة أن يجمع جمع تقديم أو تأخير ، وذلك ممّا شرع تيسيراً من الإسلام لأهله ، ورفعاً للحرج عنهم.
أمّا الذهاب إلى الاحتفال بمناسبة من المناسبات ، فلا أرى ضرورة أو عذراً للجمع ، مادام الإنسان يجد فرصة هناك للصلاة ، وينبغي ألاّ يستحي بإقامته للصلاة ـ سواء كان رجلاً أو امرأة ـ لأنّ هذا الحياء غير جائز فيما يتعلّق بالصلاة وأدائها في أيّ مكان ، بل الواجب فيمن يقيم الصلاة أن يجعل من نفسه قدوة صالحة للآخرين حتّى يتعلّم الناس الصلاة ، لأنّها من شعائر الله التي يجب أن تظهر ، وأن يجاهر المسلمون بها ويعظّموها ( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (١).
وإن ممّا يعاب على كثير من الاحتفالات الرسمية التي تقام في كثير من البلاد الإسلاميّة ، أنّها تبتلع أوقات الصلاة ـ وبخاصّة المغرب ـ دون أن تبالي بحقّ الله تعالى ، وبضمائر المؤمنين الحريصين على أداء الصلوات في مواقيتها.
ولو أنّ المحافظين على الصلاة الذين يحضرون مثل هذه الاحتفالات ، قاموا إلى الصلاة عند حضور وقتها ، قومة رجل واحد ، لحسّب المسؤولون عن تلك الاحتفالات لوقت الصلاة ألف حساب وحساب.
____________
١ ـ الحجّ : ٣٢.