أخبرنا الله تعالى عن المؤمنين الذين قرّروا أن يتّخذوا من مضجع الفتية المؤمنة مسجداً ، يسجدون لله سبحانه فيه ، ويعبدونه وهم مؤمنون وليسوا بمشركين ، ولم يذمّهم الله تعالى على ذلك.
وممّا لاشكّ فيه : أنّ شأن الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام أرفع من شأن أُولئك الفتية ، فإذا جاز بناء قبورهم ، فبالأُولى جواز ذلك بالنسبة إلى الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام.
٢ ـ قوله تعالى : ( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (١).
تدلّ هذه الآية على وجوب مودّة قربى الرسول صلىاللهعليهوآله ، وهو وجوب مطلق لم يقيّد بزمان دون آخر ، ولا مكان دون مكان ، ولا كيفية دون أُخرى.
وممّا لاشكّ فيه : أنّ تعهّد قبر شخص ما بالبناء والأعمار والتجديد من جملة المصاديق العرفية لهذه المودّة.
٣ ـ تعظيم شعائر الله تعالى : فإنّ القرآن الكريم ، وإن لم يصرّح على بناء قبور الأنبياء والصالحين بالخصوص ، لكنّه صرّح بتعظيم شعائر الله تعالى ، بقوله : ( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (٢) ، وبقوله : ( وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ) (٣) ، وبقوله : ( لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللهِ ) (٤).
ولاشكّ ولا ريب : أنّ صون المعالم الدينية عن الاندراس ـ كالمشاهد المتضمّنة لأجساد الأنبياء والصالحين ـ وحفظها عن الخراب بناءاً وتجديداً نحو من أنحاء التعظيم ، كما أنّ حفظ المسجد عن الخراب تعظيم له.
ولا يخفى : أنّ الله تعالى جعل الصفا والمروة من الشعائر والحرمات التي يجب احترامها ، فكيف بالبقاع المتضمّنة لأجساد الأنبياء والأولياء ، فإنّها أُولى بأن تكون شعاراً للدين.
____________
١ ـ الشورى : ٢٣.
٢ ـ الحجّ : ٣٢.
٣ ـ الحجّ : ٣٠.
٤ ـ المائدة : ٢.