انقلب الكثير ممّن كان يبغض أهل البيت عليهمالسلام إلى موالين ومخلصين ، وذلك بعد أن عرفوا الحقّ يتجلّى بأعمال الأئمّة عليهمالسلام وسيرتهم قبل أقوالهم.
فعلينا أن نقتدي بأئمّتنا عليهمالسلام ، فتكون أعمالنا وسيرتنا وأخلاقنا موافقة لهم ، ونتعامل مع من يخالفنا بكلّ أدب واحترام ، ونبتعد عن كلّ ما يوجب النفرة ، ونجادلهم بالتي هي أحسن ، ونوصل لهم الدليل والبرهان بحكمة تدريجياً ، بعد أن نتسلّح بسلاح الدليل والبرهان ، والعمق في المطالب العلميّة ومعرفة المباني ، لتكون أبحاثنا مبتنية على أُسس البحث العلميّ ، والمباني الصحيحة.
وأمّا مسألة التقليد ، فإنّ الأصل الأوّلي يقتضي أن يكون كلّ واحد منّا مجتهداً ، بأن يدرس ويبحث في علوم آل محمّد عليهمالسلام ويجتهد ، ليصل بالدليل إلى معرفة رأيهم ، فيما أختلف فيه الرواة ، فيما رووه عنهم ، وفيما أختلف فيه من الدلالة في القرآن الكريم ، وكلام المعصومين عليهمالسلام.
وبما أنّ هذا يستلزم صرف وقت كثير ، يتعذّر على أكثر المكلّفين ، وربما يشلّ حركة الحياة ، إذ لو تفرّغ كلّ الناس إلى طلب العلوم الدينية ليجتهدوا ، لما استطاعوا أن يدخلوا في سائر متطلّبات الحياة وما يحتاجه المجتمع ، لذا أجزأ أن يجتهد جماعة خاصّة في العلوم الدينية في الفروع ، ويقلّدهم الآخرون فيما توصّلوا إليه.
قال الله تعالى : ( فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (١).
وبما أنّ المجتهدين غير متساوين في العلميّة ، فالعقل يحكم بالرجوع إلى الأعلم ، لأنّ الأعلم سيكون أقرب إلى الحكم الواقعيّ.
هذا ، ونسأل الله تعالى لكم كمال التوفيق والسداد.
____________
١ ـ التوبة : ١٢٢.