فهو عنّي ، وما أتاكم عنّي يخالف القرآن فليس منّي ) (١).
فالاختلاف في المنهج عند من باب الاجتهاد لديه مفتوح أيسر من غيره من سدّ باب الاجتهاد ، وبقي يتوحّل ويتحمّل بين آراء المدرستين ، فليس من العقل أن يخوض من لا دراية له في إثارة مسائل لا يحسن الخوض فيها ويهاجم من يقول : أخذت ديني عمّن أمرني ربّي تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآله بالأخذ منه ، وأمرني بإتباعه ، فأعملت جهدي حين وصلتني الأحاديث عن أهل بيت العصمة ، وقد مرّت عليها قرون وأكثرها أخبار آحاد ، ورواها أُناس كثيرون ، إلاّ أنّهم لم يكونوا جميعاً بالمستوى المطلوب شأنهم ، شأن الرواة عند غير الشيعة ، ففيهم العدل الضابط الإمامي ، وفيهم من هو دونه.
ولمّا كان التوثيق يجامع غير الإمامي وغير العدل فلا مانع في الأخذ بحديثه ، ما لم يصادم كتاباً أو سنّة ثابتة ، وهذا ليس فيه ما يشهر بقائله ، بل هذه سيرة العلماء في جميع المذاهب.
ولو أنّ الزاعم من أيّ مذهب كان اطلع على ما يقوله الإمام النوويّ في شرحه على صحيح مسلم ، باب صحّة الاحتجاج بالحديث المعنعن ، لم يهاجم الشيعة بأنّ ليس لهم علم معتبر في جمع الأحاديث ، فإذا لم يكن لديهم علم كما زعم ، فمن أين للنووي أن يقول : وأمّا خبر الواحد : فهو ما لم يوجد فيه شروط المتواتر ، سواء كان الراوي له واحداً أو أكثر ، واختلف في حكمه.
فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين ، فمن بعدهم من المحدّثين والفقهاء وأصحاب الأُصول : ( أنّ خبر الواحد الثقة حجّة من حجج الشرع يلزم العمل بها ، ويفيد الظنّ ولا يفيد العلم ، وأنّ وجوب العمل به عرفناه بالشرع لا بالعقل ، وذهبت القدرية ـ يقصد المعتزلة ـ والرافضة ـ يقصد الشيعة الإمامية ـ وبعض أهل الظاهر إلى أنّه لا يجب العمل به ، ثمّ منهم من يقول منع
____________
١ ـ الأُم ٧ / ٣٥٨.