رواه ثقة ضابط ، وغلط فيه ، وغلطه فيه عرف أمّا بسبب ظاهر كما عرّفوا أنّ النبيّ تزوّج ميمونة وهو حلال ـ أي من الإحرام ـ وأنّه صلّى في البيت ركعتين ، وجعلوا رواية ابن عباس تزوّجها حراماً ـ أي وهو محرم ـ ، ولكونه لم يصل ممّا وقع فيه الغلط ، وكذلك أنّه اعتمر أربع عمر.
وعلموا أنّ قول ابن عمر أنّه اعتمر في رجب ممّا وقع فيه الغلط ، وعلموا أنّه تمتّع وهو آمن من حجّة الوداع ، وإنّ قول عثمان لعلي : كنّا يومئذ خائفين ، ممّا وقع فيه الغلط ، وأنّ ما وقع في بعض طرق البخاريّ : أنّ النار لا تمتلئ حتّى ينشئ الله لها خلقاً آخر ، ممّا وقع فيه الغلط ، وهذا كثير ) (١).
وقوله : ( وأنّ ما وقع في بعض طرق البخاريّ : أنّ النار لا تمتلئ ... ) ، يشير إلى رواية صحيح البخاريّ ، بسنده عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ( اختصمت الجنّة والنار إلى ربّهما ، فقالت الجنّة : يا ربّ ، ما لها لا يدخلها إلاّ ضعفاء الناس وسقطهم ، وقالت النار : يعني أوثرت بالمتكبّرين ، فقال الله تعالى للجنّة : أنت رحمتي ، وقال للنار : أنت عذابي أصيب بك من أشاء ، ولكلّ واحدة منكما ملؤها.
قال : فأمّا الجنّة فإنّ الله لا يظلم من خلقه أحداً ، وإنّه ينشئ للنار من يشاء فيلقون فيها ، فتقول : هل من مزيد؟ ثلاثاً ، حتّى يضع فيها قدمه ، فتمتلئ ويرد بعضها إلى بعض ، وتقول : قط قط قط ) (٢).
قال ابن حجر : وقد قال جماعة من الأئمّة : أنّ هذا الموضع مقلوب ، جزم ابن القيّم بأنّه غلط ، واحتجّ بأنّ الله تعالى أخبر بأنّ جهنّم تمتلئ من إبليس وأتباعه ، وكذا أنكر الرواية شيخنا البلقيني ، واحتج بقوله تعالى : ( وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) (٣).
____________
١ ـ مجموع الفتاوى ١٣ / ٣٥٢.
٢ ـ صحيح البخاريّ ٨ / ١٨٦.
٣ ـ الكهف : ٤٩ ، فتح الباري ١٣ / ٣٦٨.