وحدها الصحيحة ، وليس ما يرويه مسلم قرآناً حتّى يُقاس ويُعرض عليه جميع ما سواه ، بل حاله حال غيره من الأحاديث الصحيحة ، ولا يقدّم على غيره إلاّ لثبوت صحّته عندكم بمجرد رواية مسلم له ، فلا يحتاج إلى بحث في سنده.
وأمّا غيره من الأحاديث فنحتاج في تصحيحها إلى مراجعة السند ، فإذا صحّ السند في أيّ رواية فهي توازي رواية مسلم ، إن لم تقدّم عليها أحياناً ، وهذا متّفق عليه. هذا كلّه في الخبر الواحد ، وأمّا في التواتر ـ كما في حديث الثقلين ـ فلا تصل النوبة إلى آحاد الأسانيد ، فلاحظ.
فالروايات الصحيحة والمتواترة تنصّ على التمسّك بالكتاب والعترة ، لأنّهما خليفتا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنّهما عاصمان من الضلال ، والآخذ بهما مهتدٍ ، أمّا الآخذ بغيرهما ، أو التارك لأحدهما فهو في ضلال مبين.
ورواية مسلم ناقصة قطعاً ، لأنّها لا تحتوي على بعض المقاطع المهمّة ، التي بيّن زيد بن أرقم أنّه سوف لن يرويها خوفاً ، فقد قال في بداية حديثه للسائلين : فما حدّثتكم فاقبلوا ومالا فلا تكلّفونيه (١) ، واعتذر بكبر سنّه ونسيانه ، فلماذا ينسى زيد مقطع مثل : ( ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً ) ، أو قوله صلىاللهعليهوآله : ( وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض )؟ وهو يروي الحادثة بطولها وتفاصيلها ، خصوصاً أنّ زيداً نفسه بيّن ذلك ـ وفسّر قوله : قد كبرت سنّي ونسيت بعض الذي أعي من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فما حدّثتكم فاقبلوا ، ومالا فلا تكلّفونيه ـ في نفس الرواية.
ولكن برواية أحمد لا مسلم ، وبنفس إسناد رواية مسلم أكملها بحادثة أُخرى تبيّن معنى قوله واعتذاره ، وبراءته من تلك الأوصاف ، وهو يقول لهم : أنّ عبيد الله بن زياد قد نهاه ، وكذّبه في رواية أحاديث الحوض ، ورماه ووصفه بأنّه قد خرف ، وإليك نصّ رواية أحمد في مسنده :
____________
١ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٢.