٢ ـ معارضة هذا الحديث لمجموعة كبيرة من الآيات القرآنيّة ، والروايات التي رواها الثقات.
٣ ـ اختلفت دلالة الأحاديث ، لكن أغلبها يشير إلى احتمال حصول الغفران على سبيل الظنّ ، لا كما نقلته على سبيل اليقين.
ولو سلّمنا صحّة سند الأحاديث ، فكلّه مشروط بسلامة العاقبة ، ولا يجوز أن يخبر الحكيم مكلّفاً غير معصوم ، بأن لا عقاب عليه ، فليفعل ما يشاء ، كما وأنّه أمّا أن يكون قصد النبيّ : اعملوا ما شئتم من أعمال الشرّ ، أو يكون قصده : اعملوا ما شئتم من أعمال الخير والبر.
فإن قالوا : أراد أعمال الخير والبر ، قيل لهم : هذا غير مستنكر أن يكون الله قد غفر لهم ما كان منهم من كراهية الجهاد في هذه المواطن ، كما أخبر عنهم في قوله : ( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ) (١) إلى آخر القصّة.
فهذه أحوال كلّها مذمومة من أهل بدر ، فجائز أن يكون الله قد غفر لهم من بعد بأفعال جميلة ظهرت منهم ، ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : استأنفوا عمل الخير بالطاعة ، وحسن العمل والتسليم ، وإن كان هذا فيهم كذلك ، فليس هذا حالاً يوجب لأهل بدر كلّهم النجاة ، بل يوجب لمن استأنف منهم أعمال الخير بالمسارعة إلى الطاعة والانقياد بالرضا ، والتسليم إلى ما قد وعدهم الله من المغفرة والعفو عن الدين.
أمّا الذين وصفهم فيه بالأعمال المذمومة ، ومن قصّر في ذلك ، وجرى إلى خلاف ما يرتضيه الله منه ، حمله من بعض معانيه ممّا يلزم غيره من المسلمين.
وإن قالوا : إنّه أراد بقوله : اعملوا ما شئتم من الأعمال السيّئة ، كان هذا القائل جاهلاً متخرّصاً ، لأنّ هذا يوجب إباحة المحارم لأهل بدر ، والتحليل لهم
____________
١ ـ الأنفال : ٥.