لورود معلّى بن محمّد فيه ، الذي ضعّفه النجاشيّ ، وابن الغضائريّ ، كما أشار إليه العلاّمة المجلسيّ قدسسره في شرحه على الكافي (١).
ثمّ مع فرض صحّة الحديث سنداً ، فلابأس في دلالته ، فهذه الرواية ونظائرها قد صدرت تقيّة ، كما يشير إليه فرض الرواية في صدرها ، فإنّ يوسف بن عمر الثقفي ـ وهو أحد طغاة بني أُمية ـ كان واقفاً على أخبار أُمّ خالد ، فأراد الإمام عليهالسلام أن لا يثير حفيظة الظلمة ، الذين لا يرقبون في المؤمنين إلاً ولا ذمّة.
ويؤيّد ما ذكرنا أيضاً ، ورود اسم كثير النوا فيها ، الذي كان من وعّاظ السلاطين ، والمنحرفين القريبين من السلطة ، وله أفكار وأنصار.
نعم إنّ الإمام عليهالسلام ، وفي نفس الوقت يعطي الرأي الصحيح في الموضوع ، من خلال ترجيحه لأبي بصير وردّه كثير النوا وأصحابه ، وحتّى أنّ العبارة المستشهد بها من كلامه عليهالسلام في الرواية ، ليس فيها ما هو صريح على تأييد أبي بكر وعمر ، فإنّ هذه الفقرة هكذا : ... فسألته عنهما ، فقال لها : ( تولّيهما ) ، قالت : فأقول لربّي إذا لقيته إنّك أمرتني بولايتهما؟ قال : ( نعم ... ).
فإنّ كلمة ( تولّيهما ) يحتمل فيه وجه آخر ، وهو الترك ، من باب ( نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ) (٢) أي : نتركه وندعه مع ما أحبّه والتزم به ، أي أنّ الإمام عليهالسلام قد استعمل التورية في استخدام هذه الكلمة ، فأراد معنىً صحيحاً ، وإن كانت توهم معنى آخر أيضاً.
وحتّى أنّ كلمة ( نعم ) قد توهم بموافقة الإمام عليهالسلام لكلام السائلة ، ولكن في نفس الوقت يمكن أن يردّ بأنّ كلمة ( نعم ) تأتي لتأييد النفي كما للإثبات ، فإن كان مقصوده عليهالسلام التأييد الحتمي ، كان ينبغي له عليهالسلام أن يستعمل كلمة ( بلى ) التي لا تدلّ إلاّ على الإقرار الإيجابي.
____________
١ ـ مرآة العقول ٢٥ / ٢٤٤.
٢ ـ النساء : ١١٥.