بها نقلياً على العصمة.
وأمّا مبايعة أمير المؤمنين عليهالسلام لأبي بكر بالخلافة ، فلا نخطّئ عليّاً عليهالسلام في فعله ، لأنّه إمام معصوم ، وكلّ ما يفعله فيه مصلحة ، وليس يعني ذلك أنّه اعتقاده ، ودين الله وشرعه ، وإنّما فعله كان لمصلحة أكبر وأعظم من تركه للمسلمين في ذلك الوقت ، دون مشاركة منه في بيان حقّه ، وبيان شرع الله وأحكامه ، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، والدعوة إلى الله وإلى المذهب الحقّ ؛ لأنّه رأى نفسه معزولاً عن الساحة ، والوجوه مكفهرّة غاضبة حاقدة لا يستطيع معها نشر الإسلام والنصح ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الذي من شروطه ـ كما هو معروف ـ أن تحتمل التأثير في المقابل.
وهذا كلّه مرويّ في البخاريّ ، لا من فهمنا ولا رواياتنا ، فقد روى البخاريّ عن عائشة رواية طويلة في ذيلها : ( وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلمّا توفّيت استنكر علي وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ، ولم يكن يبايع تلك الأشهر ، فأرسل إلى أبي بكر : أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك ، كراهية لمحضر عمر ... ، فدخل عليه أبو بكر ، فتشهد علي فقال : ( إنا قد عرفنا فضلك ، وما أعطاك الله ، ولم ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك ، ولكن استبددت علينا بالأمر ، وكنّا نرى لقرابتنا من رسول الله صلىاللهعليهوآله نصيباً ) ، حتّى فاضت عينا أبي بكر ... ـ ثمّ قال علي أمام المسلمين ـ : ( ولكنّا كنّا نرى لنا في هذا الأمر نصيباً ، فاستُبد علينا فوجدنا في أنفسنا ) ، فسّر بذلك المسلمون ، وقالوا : أصبت ، وكان المسلمون إلى علي قريباً حين راجع الأمر بالمعروف ) (١) فأقرأ وتدبّر!!
وبيعة الإمام عليهالسلام لمصلحة وخير الإسلام ، وخوفاً عليه بعد أن لم يكن له طريق آخر ، لا يخرج الأمر عن كونه حدث بالاضطرار ، فإنّهم اضطّروه بعد أن غصبوا حقّه ، ولم يجد طريقاً لأخذه إلاّ بضرر الإسلام ، فآثر المبايعة مع وقوع الظلم عليه خاصّة على ذهاب الإسلام كلّه.
____________
١ ـ صحيح البخاريّ ٥ / ٨٢.