ج : لقد رفض الإمام علي عليهالسلام البيعة لأبي بكر ، وبقي في بيته منشغلاً بجمع القرآن ، لكن عمر أصرّ على أن يبايع لأبي بكر ، وقال : والله لأحرقن عليكم البيت ، أو لتخرجن إلى البيعة ، وعندما وصل الإمام عليهالسلام لأبي بكر مجبراً على ذلك : قال : ( أنا أحقّ بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم وأنتم أُولى بالبيعة لي ... ) ، فقال عمر : إنّك لست متروكاً حتّى تبايع ، فقال له علي : ( ... ألا والله لا أقبل قولك ولا أبايعه ) (١) ، ثمّ انصرف علي عليهالسلام إلى منزله ولم يبايع.
وبقي اتباع الخليفة يصرّون على أن يبايع الإمام عليهالسلام ، فاضطرّ أخيراً لأن يضع يده في يد أبي بكر ، لكنّه وضعها مضمومة ، لكن القوم رضوا منه بتلك البيعة ، وأعلنوا في المسجد أنّ الإمام قد بايع ، ولقد كانت تلك البيعة بعد تهديد للإمام عليهالسلام بالقتل وتهديد مسبق بحرق داره.
قال الإمام الصادق عليهالسلام : ( والله ما بايع علي عليهالسلام حتّى رأى الدخان قد دخل عليه بيته ) (٢).
وأنّه عليهالسلام كان يقول في ذلك اليوم لمّا أكره على البيعة : ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٣) ويردّد ذلك ويكرّره.
من كلّ هذا نفهم أنّ الإمام عليهالسلام لم يبايع عن رضا واختيار ، وأنّه كان مكرهاً على ذلك ، والبيعة بالإكراه لا تعطي أيّ شرعيّة لخلافة أبي بكر.
____________
١ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ١٢.
٢ ـ الكنى والألقاب ١ / ٣٨٧ ، الشافي في الإمامة ٣ / ٢٤١.
٣ ـ الأعراف : ١٥٠.