وقد أكّد هذا المعنى الراغب الأصفهاني ـ وهو من علماء أهل السنّة ـ بأنّ كلّ ما يحصل عليه من كسبٍ ومن غيره في حربٍ أو غير حرب فهو غنم ، فقال : والغنم : إصابته والظفر به ، ثمّ استعمل في كلّ مظفورٍ به من جهة العدى وغيرهم (١).
قال تعالى : ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ... ) ، وقال : ( فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا ) (٢) والمغنم : ما يغنم وجمعه مغانم ، قال تعالى : ( فَعِندَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ) (٣).
فالغنيمة ، هو مطلق حصول الإنسان على شيء من حربٍ أو غير حرب ، هذا ما يوافق القرآن ، وأهل اللسان ، وما خالفه لا يلتفت إليه ولا يسمع إلى قوله.
فالذين حصروا الخمس في غنيمة الحرب خالفوا ما عليه إطلاق المعنى ، وحصروه في غنائم الحرب من دون دليل ، بل خلاف القرآن واجتهاد مقابل النصّ.
وبعبارة أُخرى : فإنّ الدليل مع من قال بإطلاق اللفظ على معنى الغنائم جميعاً ، في الحرب أو التجارة أو غيرها.
وأمّا من ضيّق دائرة نطاق اللفظ ليحصرها على مورد واحد من موارد الغنيمة ، كانت دوافعه سياسية معروفة ، فأهل البيت عليهمالسلام ومن تبعهم كانوا يشكّلون قوّة خطرٍ دائم على النظام ، ولغرض إضعاف القوّة الهاشميّة الناشطة آنذاك ، ولغرض فرض حصارٍ اقتصادي يوجب شل حركة الهاشميّين ، أوّلوا الغنيمة إلى كلّ ما يكسبه المقاتل في الحرب ، وألغوا جميع معانيها الأُخرى ، وعلماء البلاط لا يفتون إلاّ بما يضمن مصالح النظام ، ودفع أي احتمال خطر
____________
١ ـ مفردات غريب القرآن : ٣٦٦.
٢ ـ الأنفال : ٦٩.
٣ ـ النساء : ٩٤.